يعيش في لبنان حوالي «470 ألف» لاجئ فلسطيني مسجل لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، وتفيد الوكالة الأممية أن «62 %» من اللاجئين الفلسطينيين يعيشون في «12 مخيمًا» منتشرة في الأراضي اللبنانية، ويعاني ثلثا هؤلاء من الفقر، أي ما حجمه «160 ألف»، فيما يعاني «7.9 %» منهم من الفقر المدقع.

وتؤكد تقارير المنظمات الحقوقية واللجان الشعبية الفلسطينية ووكالة «الأونروا» على أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعيشون ظروفًا إنسانيّة واجتماعيّة وأمنيّة هي الأكثر مأساوية منذ نكبتهم الأولى عام 1948.

ولا تعتبر الدولة اللبنانية، اللاجئين الفلسطينيين، مواطنين رسميين لدولة أخرى، وبناء عليه فهم غير قادرين على اكتساب الحقوق نفسها التي يتمتع بها الأجانب المقيمون في لبنان، مما زاد من معاناتهم، مع عدم حصولهم على الحد الأدنى من الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية من ناحية، ومن ناحية أخرى لاعتبارات تتعلق بوكالة «الأونروا» وسياساتها التقشفيّة في الخدمات المُقدّمة، مما ساهم في زيادة نسبة البطالة والفقر داخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية.

وأظهرت الدراسة المقدمة من «وكالة الأونروا» مؤخرًّا أن «21 %» من اللاجئين الفلسطينيين العمال، يعملون في أشغال موسمية، فيما يعمل «7 %» منهم فقط وفقاً لعقود عمل قانونية.

وهناك «3 %» منهم يعملون في أكثر من مهنة، إلا أن السبب الأساسي لتردّي أوضاعهم – بحسب المنظمات الحقوقية الفلسطينية - في تقاريرها أن أوضاع اللاجئين هي الأسوأ من بين لاجئي العالم، بحيث تبلغ نسبة العاطلين عن العمل «90 %» من مجموع تعداد اللاجئين، والسبب الرئيسي هو عزلهم بما لا يسمح لهم بالانخراط في الحياة المدنية في البلاد، بالإضافة إلى إقفال أسواق العمل في وجوههم، وحرمانهم من الضمان الصحّي وحقّ التملّك، رغم إقامتهم في لبنان منذ فترة طويلة، ويجري معاملتهم كأجانب.

كما شكّل المرسوم الوزاري «رقم 17561» الصادر من وزارة العمل في العام 1994، والذي اقتصر مزاولة المهن في لبنان على المواطنين، وحرمان الفلسطينيين من ذلك في ما يقارب سبعين فئة وظيفية.

وأدّى ذلك إلى تزايد تعقيد وصعوبة الأوضاع العامّة في مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، فضلًا عن انتشار حالة اليأس والإحباط والتوجّه نحو الهجرة غير الشرعية وتردي الوضع الأمني والاجتماعي، بعد أن تحوّلت المُخيّماتِ إلى بؤر للفساد والمخدرات، ورغم ذلك يأتي دور تدخل «الفصائل الفلسطينية بالتعاون مع الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة» لوضع حد للفلتان الأمني ومكافحة ظاهرة المخدرات المنتشرة بصورة مرعبة، خاصة في مخيّمات «شاتيلا وبرج البراجنة والرشيدية»، تدخلًا خجولًا لم يستطع حتى الآن تأمين الحماية الكاملة للاجئين في منازلهم.

وأبرز الفصائل الفلسطينيّة الناشطة في لبنان «حركة فتح والجبهتان الديمقراطية والشعبية لتحرير فلسطين وبعض الفصائل»، إضافة إلى تحالف القوى الفلسطينية الذي يضمُّ «حركتي حماس والجهاد والقيادة العامة والصاعقة وآخرين»، وقوى إسلامية أخرى موجودة في بعض المخيمات، لكن الأكثر بروزًا في المشهد الفلسطيني على الصعيد الرسمي ضمن مجموعة هذه الفصائل في هذا المحور هي «حركة حماس».

ولمعرفة الأدوار المختلفة التي تلعبها الحركة فيما يخص العديد من الملفات المتعلقة بمخيّمات اللاجئين الفلسطينيين وما يجري فيها أجرينا حوارًا مع ممثل «حركة حماس في لبنان - أحمد عبدالهادي».

ويُعَرّف عبد الهادي الحركة في لبنان على أنها جزءٌ من الشعب والنسيج الوطني الفلسطيني على مستوى الفصائل، وهي جزء من تحالف القوى الفلسطينية، وبالتالي هي جزء أيضًا من الإطار الجامع للكل الفلسطيني في لبنان، وهو «هيئة العمل الفلسطيني المشترك»، ويؤكّد تواجدها في المخيّمات الفلسطينيّة الموجودة في كل المناطق اللبنانيّة، كمنطقة «صور وصيدا وبيروت وطرابلس»، ومتواجدة في تجمّعات فلسطينية ضمن هذه المناطق خارج المخيّمات.

وأوضح أن الحركة تعمل في كل المجالات السياسيّة والإعلاميّة والاجتماعيّة والخيريّة والثقافيّة والشبابيّة والشعبيّة والنقابيّة، في إطار صفوف الفلسطينيين في لبنان، وعلى عدّة مستويات لخدمة الشعب الفلسطيني. إذ أنها تعمل على المستوى السياسيّ في تثبيت «حق العودة» لدى الشعب الفلسطيني، في المحافظة على هويّته الوطنيّة، وربطه بفلسطين والقدس، وجعل البوصلة الأساسيّة والوحيدة له هي فلسطين وليس أي برامج أخرى – حسب تعبيره.

كما تعمل على المستوى الإنساني والاجتماعي والخيري، عبر تقديم الخدمات وتوزيع المساعدات في المناسبات في المواسم، كشهر رمضان والعيدين، وفي أوقات متنوعة على شكل مساعدات ماديّة وطرود غذائيّة وغيرها.

وأشار إلى أنها تعمل بجهد في إطار العمل الصحيّ والطبيّ من خلال مستوصفات ومراكز طبيّة في لبنان، بالإضافة إلى العمل على توعية الشباب على المستوى الدَعَويّ والفكري والثقافي، والوطني، وربط هؤلاء الشباب والشعب الفلسطيني بهويّته الوطنيّة وبفلسطين.

وشدّد على أن الحركة تتصدّى وتواجه مختلف التحدّيات هي والفصائل الأخرى والقوى الإسلاميّة والوطنيّة في لبنان من خلال عمل خاص فيها، وجهد مشترك أيضًا مع بقيّة الفصائل لحماية المخيّمات الفلسطينيّة، وتثبيت الأمن والاستقرار فيها، لا سيّما في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان وصعوبة الوضع الفلسطيني فيها، وبالتالي تم تجنيب المخيّمات أن تدخل في أتون التجاذبات اللبنانيّة الداخليّة، أو أن تُستخدم كصندوق بريد لإيصال رسائل لأطراف آخرى، أو أن يتم استخدام العنصر الفلسطيني في خلافات معيّنة هنا أو هناك – على حدّ وصفه.

وأضاف، يعيش اللاجئون الفلسطينيون أوضاعًا إنسانيّة ومعيشيّة صعبة للغاية لعدّة أسباب، فتأتي إسهامات الحركة في تأمين العيش الكريم لأهلنا ولشعبنا. وتتلخص هذه الأسباب في عدّة عوامل؛ أولها:

-           بسبب غياب الحقوق الإنسانيّة والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهذا طبعًا أثر بشكل كبير جدًّا على الأوضاع الإنسانيّة والمعيشيّة.

-           ثانيًا تقليصات «الأونروا» المستمرّة عبر سنوات طويلة في الخدمات والتشغيل، وهذا أثّر أيضًا على ما تقدّمه «الأونروا» للاجئين الفلسطينيين.

-           ثالثًا جاءت إجراءات وزارة العمل في الحكومة السابقة لتضيف إلى هذا العبء عبئًا إضافيًّا في الوضع الاقتصادي والإنساني والمعيشي على اللاجئين الفلسطينيين، ثم دخلنا في الأزمة اللبنانيّة في «17 تشرين»، وقد أثّر الانهيار المالي والاقتصادي بشكل مخيف على المواطنين الفلسطينيين في لبنان، وخصوصًا في ظل «جائحة كورونا».

كل هذه العوامل أثّرت على المواطنين الفلسطينيين في لبنان، وجعلتهم يعيشون أوضاعًا إنسانيّة واقتصاديّة ومعيشيّة؛ وبالتالي نحن نسعى كشعب فلسطيني وكفصائل فلسطينيّة، وخصوصًا بجهد خاص من «حركة حماس»، إلى أن نقدّم ما نستطيع في إطار المساعدات الإنسانيّة والنهوض الاقتصادي والمعيشي لشعبنا الفلسطيني في المخيّمات. صحيح أن الدور والعبء يقوم أساسًا على «الأونروا» باعتبارها المؤسسة المعنيّة في تقديم الخدمات للاجئين، ولكن نحن نقدّم مساعدات وغيرها.

وأكّد عبد الهادي بأنّ «حماس» تحظى بعلاقاتٍ هامّة وممتازةٍ جدًا مع الدولة اللبنانية، سواء على المستوى السياسي مع رئاسة الجمهورية، ويصفها «بالعلاقة التاريخيّة»، بالإضافة إلى العلاقة المتينة مع رئاسة مجلس النواب والنوّاب ورئاسة الحكومة، فضلًا عن العلاقات مع الأجهزة الرسمية الأمنية اللبنانية.

وأشار، يتمُّ التنسيق مع جميع الجهات والأطراف فيما يخص أوضاع شعبنا في المخيمات والتجمعات الفلسطينية؛ ومستوى التنسيق عالٍ جدًا، وهناك زيارات مستمرة لهذه الجهات، وتقديرٌ كبيرٌ جدًّا من الدولة اللبنانية بمختلف مؤسساتها السياسية والأمنية وغيرها؛ وذلك للدور الذي تلعبه الحركة في لبنان وجهودها، سواء كان على مستوى حفظ الأمن والاستقرار في المخيمات، أو على مستوى ما تقدمه الحركة للشعب الفلسطيني من مساعدات ودعم وإسناد، أو على مستوى المحافظة على الهوية الوطـنـيـة الفلسطينية؛ وأيضًا ما تقدّمه من جهدٍ في إطار تحقيق الأمن والاستقرار والسلم الأهلي في لبنان – بحسب وصفه.

 

 

المصدر : الوطنية - خاص