يبدو أن لغة التهديد النارية المتبادلة بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية وصلت إلى ذروتها، فيما تشير التوقعات بأن رياح الحرب بدأت تقرع على الأبواب بالوقت الذي يطفو فيه سيناريو قادم بأن هناك شيء على محمل الجد تحمله الأيام المقبلة.

وتعيش غزة حالة من التوتر الأمني والميداني منذ 10 أيام، حيث تشن "إسرائيل" غارات بشكلٍ شبه يومي على مواقع تابعة للمقاومة، ردًا على إطلاق البالونات الحارقة باتجاه مستوطنات "غلاف غزة".

وهدد وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس المقاومة بغزة بتوجيه ضربة قاسية جدًا في حال استمرت بالتصعيد قائلاً: "لقد انتهيت الآن من تقييم الوضع بمشاركة رئيس الأركان بعد استمرار إطلاق النار في الجنوب، الجيش الإسرائيلي مستعد ويدافع وسيواصل حماية سكان الجنوب، ويهاجم من يهاجمنا ويلحق أضرارا بالغة بهم".

وما لبث وعيده بعض الوقت لتخرج الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة ببيان تؤكد فيه أنها ستقابل التهديد بالتهديد، حيث أكدت أنها سترد على أي عدوان أو استهداف لمواقعها.

وقالت: "لن نسمح للعدو باستمرار الحصار الظالم على شعبنا، فمن حقه التعبير بكل الوسائل المناسبة عن فضه للحصار".

ما سبق، يثبت أن لغة الرسائل النارية بين الاحتلال والمقاومة قد انتهت والسيناريو يأخذنا إلى أن هناك شيء على محمل الجد، وفق ما أكده المحلل السياسي شرحبيل الغريب.

وقال الغريب خلال حديثه لـ "الوطنية"، إنه بعد مرور عشرة أيام من الرسائل المتبادلة بين غزة والاحتلال واضح أن لغة التهديد وصلت إلى ذروتها مع صدور بيان من غرفة العمليات المشتركة "هذا يدل على أن مرحلة تبادل الرسائل النارية قد انتهت، والسيناريو يأخذنا إلى أن هناك شيء على محمل الجد".

وأكد أن لغة التهديد الإسرائيلي وحتى موقف الغرفة المشتركة يبقي خيار السلاح على الطاولة، وهذا يعطي مؤشر واضح بأن الأوضاع في غزة مازالت خطيرة على الصعيد الإنساني وتفاقم الأزمات وهذا الوضع لن يولد إلا الانفجار في وجه الاحتلال الإسرائيلي.

وبين أن تجاهل الاحتلال لمطالب حركة "حماس" التي حملها الوفد الأمني المصري هي رسالة واضحة بأن "إسرائيل" غير معنية بأي خطوة من شأنها أن تعيد الاستقرار والهدوء مع غزة، وأن السياسة الإسرائيلية قائمة على سياسة التنقيط وسياسة تقديم المنحة القطرية دون غيرها من القضايا الأخرى التي تلبي احتياجات الشعب الفلسطيني على وجه الخصوص.

وحول نية الاحتلال التصعيد عقب نشره للقبة الحديدية في المناطق الجنوبية، قال الغريب إن لغة التهديد الإسرائيلي والاستعدادات الميدانية تشير إلى أن هناك تصعيد إسرائيلي قادم على غزة.

وأضاف: "إسرائيل تضرب بعرض الحائط كل الوساطات المصرية وغيرها، وهذا إشارة واضحة بأن الاحتلال ربما يتجهز لاقتناص الفرصة لتوجيه ضربة إلى غزة من شأنها أن توظف سياسيًا داخل الحكومة الإسرائيلية على وجه الخصوص".

إلى ذلك، قالت صحيفة "إسرائيل اليوم" إن جيش الاحتلال قرر تعزيز نشر بطاريات منظومة القبة الحديدية، بالمناطق الجنوبية بالبلاد، ومنع مزارعي الغلاف من العمل قرب الحدود مع غزة.

ووفقًا للصحيفة، فإن الجيش يستعد للتصعيد، فيما تقول حركة "حماس" إنها لا تخشى معركة جديدة معها.

وتساءلت: هل نحن نعيش جولة تصعيد دون أن يعلن الجيش عنها، أم نحن أمام انفجار أكبر من ذلك؟، مشيرة إلى أن الجيش لن يسرع في كسر قواعد اللعبة مع "حماس"، من أجل إعطاء فرصة للمفاوضات من التي تتم عبر الوسطاء، لمنع اندلاع الحرب.

ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية قولها، "إن الجيش يستعد لعدة أيام قتال بغزة، لكن هناك تخوفات أن يؤدي ذلك الى التأثير على بداية الموسم الدراسي في إسرائيل"

من جهته، قال المحلل العسكري بصحيفة يديعوت رون بن يشاي: "إن المفاوضات مع حماس، تتم تحت النار، لكن مسدس إسرائيل خالي من الرصاص".

وأضاف أن "حماس تدرك أن إسرائيل ليست معنية بالتصعيد، وأن المفاوضات تتم من خلال وسطاء".

 وتابع: "على سكان غلاف غزة أن يدركوا، أن البالونات والصواريخ، لن تتوقف قريبا، لأن حماس لا تريد تليين مواقفها، وتصر على تحقيق مطالبها".

وقبل عدة أيام، أجرى الوفد الأمني المصري زيارة سريعة إلى قطاع غزة وقبلها لرام الله، حيث اطلعت "الوطنية" من خلال مصادر مقربة، على تفاصيل الاجتماع الذي انتهى بمغادرة الوفد للقطاع، بعد تسلمه حقيبة كاملة من المطالب الذي نقلتها الفصائل وفق احتياجات المرحلة.

وكشفت المصادر، أن زيارة الوفد تهدف لعودة حالة الهدوء ونقل رسائل غزة إلى الجانب الإسرائيلي الذي كان قد تعهد بتنفيذها لحل مشكلات الحصار على أن يبدأ التنفيذ مطلع أبريل الماضي ولم يلتزم بها.

وأوضحت، أن مطالب الفصائل تجاوزت المنحة القطرية إلا أنهم طلبوا زيادتها لتصل لـ 200 ألف أسرة محتاجة، إضافة إلى ما تم الاتفاق عليه مسبقاً من مشاريع اقتصادية تشغيلية تتعلق بالكهرباء والمياه.

وأكدت، أن الفصائل طالبت بضرورة السماح لغزة بحرية الاستيراد والتصدير، إضافة لزيادة عدد تصاريح العمال داخل الخط الأخضر لـ 100 ألف تصريح، وكذلك مشاريع تشغيله للخريجين والعمال بإشراف الأمم المتحدة.

وأضافت "من ضمن المطالب فتح المجال البحري لـ 20 ميل وعدم مضايقة الصيادين، وفتح معبر كرم أبو سالم بشكل دائم دون إغلاق".

وتبقى الأيام القادمة كفيلة بتحديد اتجاه الرياح سواء نحو تصعيد شرس أـو تهدئة بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية.

 

 

المصدر : وجيه رشيد- الوطنية