أعلنت الجزائر رفضها لأي تغيير غير دستوري للحكومة في مالي، مستندة إلى ما تنص عليه اتفاقيات الاتحاد الإفريقي، ولا سيما إعلان الجزائر لعام 1999 والميثاق الإفريقي للديمقراطية والانتخابات والحكم لعام 2007، الذي يرفض التغيير في دول القارة السمراء عن طريق الانقلابات.

وقالت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان لها، أمس الأربعاء، إنه لا يمكن انتهاك عقيدة الاتحاد الأفريقي بشأن احترام النظام الدستوري الجارة الجنوبية، كما دعت الأطراف كافة إلى احترام النظام الدستوري، والعمل على الخروج السريع من الأزمة، مشيرة إلى أن صناديق الاقتراع هي السبيل الوحيد للوصول إلى السلطة والشرعية.

ويأتي الموقف الجزائري ردا على اقدام ضباط في الجيش المالي قادوا أمس الأول تمردا في العاصمة باماكو، واعتقلوا الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا ورئيس الحكومة، قبل يعلن كيتا في ساعة مبكرة صباح أمس استقالته من رئاسة البلاد.

وتعتبر الجزائر من أكبر الدول التي تتقاسم حدودا مع مالي، والتي ستتأثر حتما بأي تقلبات في هذا البلد، بسبب التأثيرات المحتملة لأي عدم استقرار على أمن واستقرار المناطق الجنوبية في الجزائر، كما أن الذي حدث يزيد في متاعب الحكومة الجزائرية، التي تعاني أصلا بسبب الوضع الملتهب الذي تعيشه ليبيا، والذي يثقل كاهل الجزائر بسبب الجهد والتكاليف الذي تتطلبه عملية تأمين الحدود، وما يحدث في مالي يزيد في إثقال كاهلها على الحدود الجنوبية، علما أنها عملت لسنوات على تهدئة الوضع في هذا البلد، من خلال رعايتها لمفاوضات بين مختلف أطراف النزاع في شمال مالي، وهو مسار دام أشهرا طويلة قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق سلام بين جماعات الطوارق والحكومة المركزية في باماكو، والذي تم التوقيع عليه في العاصمة المالية، لكنه لم يعرف طريقه إلى التنفيذ بشكل كلي، ووقعت عدة محاولات للتراجع عنه، وهو ما أبقى الوضع غير مستقر في الشمال.

وتتمثل مخاطر الانقلاب العسكري في مالي بالنسبة للجزائر في دخول هذا البلد في دوامة عدم الاستقرار، ما قد يدفع الجماعات المتمردة في الشمال، لمحاولة إحياء رغبات انفصالية في هذا الجزء من مالي، علما أنه ظل لسنوات طويلة خارج سيطرة الحكومة المركزية في باماكو، الأمر الذي جعله ملجأ ومنطقة عبور للعديد من الجماعات الإرهابية وتنظيمات الإجرام المنظم، وهو الأمر الذي لا تريده الجزائر، وسبق أن اعترضت على قيام دولة جديدة، بسبب المخاطر الأمنية التي تمثلها دولة جديدة على حدودها الجنوبية، وهو الأمر الذي سيجعل السلطات الجزائرية الأكثر قلقا مما يجري في هذا البلد الجار، خاصة في ظل وجود اليد الفرنسية التي كانت ومازالت مؤثرة.

المصدر : وكالات