مع اقتراب حلول عيد الأضحى المبارك، يسعى الكثيرين لتنفيذ سنة الأضحية خلال أيام عيد الأضحى.

حيث تساءل البعض عن الحكم الشرعي في ذبح الأضحية بنية الأضحية والعقيقة في أيام عيد الأضحى المبارك، وهل يجوز شرعاً ذلك ؟.

فالأضحية سنة نبوية مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وشرعها الله تعالى؛ إحياء لسنة نبيه إبراهيم عليه السلام، وتوسعة على الناس يوم العيد.

 كما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه الإمام مالك في "الموطأ": «إِنَّمَا هِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ، وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍ للهِ عز وجل»، وهى: اسم لما يذبح من الإبل، والبقر، والغنم يوم النحر وأيام التشريق تقربًا إلى الله تعالى.

حكم الجمع بين الأضحية والعقيقة :-

اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين :

القول الأول : لا تجزئ الأضحية عن العقيقة، وهو مذهب المالكية والشافعية ، ورواية عن الإمام أحمد رحمهم الله .

وحجة أصحاب هذا القول : أن كلاً منهما – أي : العقيقة والأضحية – مقصود لذاته فلم تجزئ إحداهما عن الأخرى ، ولأن كل واحدة منهما لها سبب مختلف عن الآخر ، فلا تقوم إحداهما عن الأخرى ، كدم التمتع ودم الفدية .

وقال الهيتمي رحمه الله في "تحفة المحتاج شرح المنهاج" : " وَظَاهِرُ كَلَامِ َالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِشَاةٍ الْأُضْحِيَّةَ وَالْعَقِيقَةَ لَمْ تَحْصُلْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ ".


وقال الحطاب رحمه الله في "مواهب الجليل" : "إِنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ أَوْ أَطْعَمَهَا وَلِيمَةً ، فَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ : قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ : قَالَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ الْفِهْرِيُّ إذَا ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ لَا يُجْزِيهِ ، وَإِنْ أَطْعَمَهَا وَلِيمَةً أَجْزَأَهُ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْأَوَّلَيْنِ إرَاقَةُ الدَّمِ ، وَإِرَاقَتُهُ لَا تُجْزِئُ عَنْ إرَاقَتَيْنِ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْوَلِيمَةِ الْإِطْعَامُ ، وَهُوَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْإِرَاقَةِ ، فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ . 

القول الثاني : تجزئ الأضحية عن العقيقة، وهو رواية عن الإمام أحمد ، وهو مذهب الأحناف ، وبه قال الحسن البصري ومحمد بن سيرين وقتـادة رحمهم الله .

وحجة أصحاب هذا القول : أن المقصود منهما التقرب إلى الله بالذبح ، فدخلت إحداهما في الأخرى ، كما أن تحية المسجد تدخل في صلاة الفريضة لمن دخل المسجد .

روى ابن أبي شيبة رحمه الله في "المصنف" (5/534) : عَنْ الْحَسَنِ قَالَ : إذَا ضَحُّوا عَنْ الْغُلَامِ فَقَدْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ مِنْ الْعَقِيقَةِ .

وعَنْ هِشَامٍ وَابْنِ سِيرِينَ قَالَا : يُجْزِئُ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ مِنْ الْعَقِيقَةِ .

وعَنْ قَتَادَةَ قَالَ : لَا تُجْزِئُ عَنْهُ حَتَّى يُعَقَّ .

وقال البهوتي رحمه الله في "شرح منتهى الإرادات" : " وَإِنْ اتَّفَقَ وَقْتُ عَقِيقَةٍ وَأُضْحِيَّةٍ ، بِأَنْ يَكُونَ السَّابِعُ أَوْ نَحْوُهُ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ ، فَعَقَّ أَجْزَأَ عَنْ أُضْحِيَّةٍ ، أَوْ ضَحَّى أَجْزَأَ عَنْ الْأُخْرَى ، كَمَا لَوْ اتَّفَقَ يَوْمُ عِيدٍ وَجُمُعَةٍ فَاغْتَسَلَ لِأَحَدِهِمَا ، وَكَذَا ذَبْحُ مُتَمَتِّعٍ أَوْ قَارِنٍ شَاةً يَوْمَ النَّحْرِ ، فَتُجْزِئُ عَنْ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَعَنْ الْأُضْحِيَّةَ ".

وقال رحمه الله في "كشاف القناع" : " وَلَوْ اجْتَمَعَ عَقِيقَةٌ وَأُضْحِيَّةٌ ، وَنَوَى الذَّبِيحَةَ عَنْهُمَا ، أَيْ : عَنْ الْعَقِيقَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ أَجْزَأَتْ عَنْهُمَا نَصًّا [أي : نص عليه الإمام أحمد]" .

وقد اختار هذا القول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فقال : "لو اجتمع أضحية وعقيقة كفى واحدة صاحب البيت ، عازم على التضحية عن نفسه فيذبح هذه أضحية وتدخل فيها العقيقة .

وفي كلامٍ لبعضهم ما يؤخذ منه أنه لابد من الاتحاد : أن تكون الأضحية والعقيقة عن الصغير. وفي كلام آخرين أنه لا يشترط ، إذا كان الأب سيضحي فالأضحية عن الأب والعقيقة عن الولد .
الحاصل : أنه إذا ذبح الأضحية عن أُضحية نواها وعن العقيقة كفى" .

المصدر : وكالات