لا يقتصر التغريد على الطيور فقط إذ توصل العلماء إلى أن الفئران أيضا تستخدم "أغاني الحب" بنغمات مختلفة لجذب الإناث. ونجح باحثون أمريكيون في فك شفرة هذه "الأغاني" ذات الموجات الصوتية العالية والمعقدة. قال السير بول مكارتني عضوفريق البيتلز الشهير يوما في أغنية بعنوان "أغاني الحب البلهاء"، التي راجت رواجا شديدا عام 1967 "البعض يود أن يملأ الدنيا بأغاني الحب البلهاء.. وما الخطأ في ذلك؟ أود أن أعرف".. وقد يوافقه في الرأي تماما الفئران. وخلص علماء إلى أن ذكور الفئران تستخدم فعلا "أغاني الحب" ذات الموجات الصوتية العالية لجذب الإناث ومغازلتها والتودد إليها وأنها تستخدم نغمات مختلفة حين تشم رائحة الإناث ولم تراها بعد وحين تقع أعينها على حبيبة القلب الموعودة. وقال أستاذ طب الأعصاب الحيوي بجامعة ديوك إريك جارفيس "أعتقد أننا كبشر لا نعرف الكثير مما يدور من تواصل في عالم الحيوان. هناك إشارات اتصال واضحة في أغاني الفئران لا مجرد تتابع عشوائي للأصوات المنطوقة." وقارن الباحثون بين تلك الأغاني وأغاني المغازلة لذكور الطيور المغردة وإن كانت قدرة الفئران على تغيير وتبديل النغمات محدودة. ورأى الباحثون أن أغاني الفئران هي تتابع لأصوات منغومة أو مقاطع نسجت معا وأنه يكون لها في أحيان وقع موسيقي. وقال الزميل الحاصل على الدكتوراه في جامعة ديوك جوناثان تشابوت "هذه الأغاني عالية النغمات فعلا أكثر من 50 كيلوهرتز (مقياس التردد في الثانية) وهي غير مسموعة للبشر. وحين نخفض تلك النغمات ونعيد سماعها بالسرعة الحقيقية تبدو كصوت الطائر." ويعرف العلماء منذ عقود أن الفئران تصدر تلك الأصوات مثلما ينادي الجرو أمه وعملوا جاهدين لفهم ما تعنيه. وفي إطار البحث عرض الباحثون فئران التجارب الذكور لمواقف مختلفة وسجلوا أغانيها ثم حللوها. ويردد الذكور أغاني عالية النبرة مركبة، حين يشمون رائحة الإناث دون أن يروا الشريكة المحتملة. وفي حضور الإناث يبدل الذكور نغماتهم بأغان أطول وأبسط. وقال جارفيس محللا "أعتقد أن الفأر يقول بترديده الأغاني المركبة "أعيريني اهتمامك أنا هنا. تعالي إلي واسمعي كيف تبدو أغنيتي جميلة" وكأن ذلك مقياس للفحولة. وحينها تقيمه الأنثى وحين تصبح إلى جواره يجعل أغانيه أكثر بساطة ليحول كل طاقته إلى محاولات الجماع." وقام الباحثون بإعادة بث النوعين من الأغاني على مسامع إناث الفئران البالغات جنسيا ووجدوا أنهن يفضلن البقاء إلى جوار مكبرات الصوت التي تبث الأغاني المركبة.

المصدر :