لم يتفاجأ المتابعون للقضية الفلسطينية وملفاتها في الفترة الأخيرة، من المعلومات التي كشفتها وسائل إعلام إسرائيلية بأن دولاً عربية أعطت الضوء الأخضر لـ "إسرائيل" والولايات المتحدة للاستمرار في دفع عملية ضم مناطق الضفة الغربية وغور الأردن.

وكشفت صحيفة "إسرائيل اليوم"، أن الحكام العرب يحذرون ظاهراً من خطة الضم لكنهم خلف الكواليس أعطوا الضوء الأخضر للخطة.

ويتعمد الإعلام الإسرائيلي خاصة المقرب من رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو"، إبراز المشاركة العربية في ماراثون التطبيع وسط التداعيات الخطيرة التي رافقت إعلان خطة التسوية الأمريكية والتي تسمى إعلامياً بـ "صفقة القرن".

ونقلت الصحيفة عن مصدر أردني قوله إن الأردن يعارض ذلك رسمياً غير أنه سيتيح تمرير الضم بأقل الأضرار لبلاده وأن المصلحة الأمنية القومية أهم من المصالح الفلسطينية.

كما قال مصدر سعودي، إن على الفلسطينيين الإدراك بأن إسرائيل هي حقيقة واقعة ولن نعرض علاقاتنا مع إدارة ترمب للخطر من أجلهم".

وتلتقي أراء عدد من المحللين السياسيين في أحاديث منفصلة مع الوطنية، بأن بث الشائعات عبر الإعلام الإسرائيلي يهدف إلى ضرب قوة الموقف الفلسطيني من خلال استهداف العمق الاستراتيجي وهو الشعوب العربية، فيما لم ينفي أحد وجود علاقات تطبيعيه مع دولة الاحتلال من خلال عدة مصالح عربية مشتركة في الخفاء والعلن.

ويرى المحلل حسام الدجني، أن "إسرائيل" باتت تستخدم وتوظف الإعلام لاستفزاز مواقف فلسطينية من أجل أن يتم تأجيج العلاقات العربية سواء على مستوى الأنظمة أو على مستوى الشعوب.

ويضيف "أعتقد أن المواقف بين الدول العربية تؤخذ من مصادرها الأساسية من وكالات أنباءها الرسمية، وفي تقديري لا تجرأ أي دولة عربية أن توافق على خطة الضم لأن هذه الخطة تنتهك سيادة الدولة الفلسطينية وتنهك القانون الدولي وتنتهك الأمن القومي الفلسطيني والأمن القومي العربي بشكلٍ عام، فكيف لدولة أن توافق على هذه التوجهات وهذه الخطة في ظل هذه التهديدات وهذه التداعيات التي ربما تربك الأمن المحلي بل والإقليمي والدولي"؟.

ويتابع: أعتقد أن المحدد الأساسي الذي تنطلق منه القيادة الفلسطينية هو كل قرب كل دولة من القضية الفلسطينية، فالفلسطينيين يقتربون خطوات من هذه الدولة، وبالتالي الثقة بالدول العربية بغض النظر عن مواقفها تحت الطاولة، والثقة في هذه المواقف ما زالت كبيرة، والمراهنة على السلوك العربي كعمق استراتيجي للقضية الفلسطينية هي المحدد الأساسي الذي ينطلق منه الفلسطينيون".

ويشير إلى أن هناك علاقات تطبيعيه مع الاحتلال باتت واضحة لا يمكن إخفائها كـ "الطائرة الإماراتية التي حطت في تل أبيب، ولقاءات نتنياهو ببعض الدول العربية واتصال نتنياهو بالمجلس السوداني، وكذلك العلاقات مع الدوحة والمنامة"، مردفاً: كل هذه العلاقات لا تخدم القضية الفلسطينية لأنها تشكل من وجهة نظر الفلسطينيين انقلاب أخلاقي وقيمي وسياسي على النظام الإقليمي العربي.

وتشكل خطة الضم خطورة عالية على الصعيدين العربي والفلسطيني، خصوصاً وأنه يمس بشكل مباشر ضم الأغوار التي تعتبر بدورها الحدود الخارجية الأطول بين فلسطين ومحيطها العربي.

بدوره، يؤكد المحلل السياسي عاهد فروانة، أن صحيفة "إسرائيل اليوم" والمقربة جداً من "نتنياهو" كثيراً ما تنشر مثل هذه الأخبار التي يغذيها بها "نتنياهو" وأقطاب حزب الليكود والأحزاب المتطرفة داخل دولة الاحتلال من أجل خلط الأوراق.

ويقول فروانة: دوماً نسمع هذه التصريحات خصوصاً عبر هذه الصحيفة حتى أنها قبل أيام نشرت أن هناك بعض المسؤولين الفلسطينيين الذين لا يرغبون بالإجراءات التي تقوم باتخاذها السلطة الـوطـنيـة في وجه إجراءات الضم، فهذه الأخبار تكون أخبار موجهة ومفبركة.

وأضاف "ما يعطي هذه الأخبار الصدى الواسع هو حملات التطبيع الواسعة من بعض الدول العربية وهذه الحملات تشكل طعنة للقضية الفلسطينية وتضعف الموقف الفلسطيني في مواجهة هذه السياسية الاحتلالية التوسيعية التي تنهب الأرض الفلسطينية.

ويتابع "نحتاج إلى مواقف قوية من كافة الدول العربية حتى تفشل هذه المحاولات الاحتلالية، لنفي مثل هذه التقارير فمواضيع التطبيع مناقضة تماماً لأي جهد عربي لمجابهة ما يقوم به نتنياهو وأطراف اليمين المتطرف داخل دولة الاحتلال".

وكانت القيادة الفلسطينية، قد شددت على إنهاء كافة الاتفاقات مع الاحتلال، وإعلان الأرض الفلسطينية كلها سواء تلك التي احتلت عام 48 أو غيرها على أنها أرض محتلة، وذلك في حال بدء تنفيذ الخطة، بداية شهر يوليو/ تموز المقبل كما أعلن "نتنياهو في وقت سابق.

المصدر : الوطنية - فادي بارود