على طاولةٍ خشبيةٍ صغيرة، مليئة بالأوراق الكرتونية ومقصات صغيرة وأخرى كبيرة وغراء لاصق، استغلت الشابتان "سهر وسحر زعرب"، فترة الطوارئ لمنع انتشار فيروس "كورونا" في غزة، بصناعة الأشغال اليدوية، ليس بهدف التسلية وإنما كمصدر دخل، يُعيلهن على قسوة الحياة.

وتجني "سهر وسحر"، مبالغ زهيدة للغاية، مقارنة بالتعب والإرهاق، أثناء فترة العمل الطويلة، لمساعدة أزواجهن في ظل الظروف المؤلمة.

وجدت سهر (30 عاماً)، بعدما أنهت دراستها الجامعية بتخصص الدراسات الإسلامية وأساليب التدريب، وسحر (25 عاماً)، التي درست تحاليل طبية، ضالتهن بصناعة الأشغال اليدوية، فسهر تعيش في بيت مستأجر بمحافظة خانيونس، أما شقيقتها فتقطن بمنزل متواضع في مخيم النصيرات وسط القطاع.

Image

الفكرة

ما يحتاجه العمل، هو ورق الفوم اللامع والغراء اللاصق، وقلم رصاص ومقص صغير للتفريغ وأخر كبير للقص، وتختلف المواد الخام وفق طلبات الزبائن، ففانوس رمضان مثلاً، يتطلب ورق مقوى من الفوم، وسيليكون للتثبيت، وإضاءة وحبال زينة للتغليف.

Image

تقول سهر (أم لطفلين)، لـ "الوطنية": "فكرة العمل جاءت لمساندة زوجي وهو خريج محاسبة ولكنه عاطل عن العمل، حاله كحال معظم الشباب العاطلين الذين لا يجدون قوت يومهم".

وأضافت: "الأوضاع الاقتصادية الشرسة دفعتنا لخلق فعل على أرض الواقع نجني منه بعض الأموال، التي نسد بها رمق جوعنا وعطشنا".

أما سحر، فحذت حذو أختها الأكبر، بالعمل بنفس الطريقة، نظراً لأن زوجها وهو خريج لغة انجليزية لا يعمل، لمعاضدته في قهر الظروف الحياتية الصعبة.

Image

الثلاجة نقطة الانطلاق

انبثقت فكرة العمل من خلال صورة لزينة ثلاجة، فاتجهتا لشراء الأدوات اللازمة، وبدأت رحلة شق الطريق، لنيل القوت البسيط.

وأوضحت سهر، أن أول أعمالهن لاقى إعجاب الأقرباء والأصدقاء والجيران، فكانت الانطلاقة الأولى، حيث قمن بتطوير عملهن من زينة الثلاجات إلى زينة الجدران.

وتابعت: "كان الرسم والقص هوايتنا منذ الصغر، فهذا الأمر أثمر بعدما ضاقت بنا الحياة، فهذا العمل البسيط جعلنا نتمكن من مساندة أزواجنا".

Image

سعر المشغولة

الوقت الذي يحتاج لتجهيز عمل واحد، يختلف بناء على الحجم، فزينة الثلاجة تحتاج لربع ساعة لتحضيرها، فيما عمل زينة لسورة قرآنية يحتاج لساعة كاملة، لحاجتها للدقة والاحترافية والإبداع.

وأشارت الفتاة الثلاثينية، إلى أن سعر المشغولة يكون وفقاً لحجمها، فالسعر يبدأ من شيقل وحتى 20 شيقلاً، وهو مبلغ زهيد مقارنة بالتعب والارهاق.

Image

Image

وتذكر أن من أحد المعيقات الأساسية، قضية التوصيل إلى منازل الزبائن، إلى جانب ارتفاع أسعار المواد الخام المستخدمة في التصنيع. مضيفةً: "توصيل الطلبات إلى الزبائن شيء متعب للغاية، خاصة أثناء تنقلنا من مكان لآخر، فنحن من نقوم بتوصيل الأشغال إلى المنازل بأنفسنا حسب منطقة السكن".

ومنذ انطلاقتهن بالأعمال اليدوية، أنشأت الفتاتان حسابٌ على "فيسبوك" و "إنستغرام"، تصوران أعمالهن وتقومان بتنزيلها على الموقعين اللذين يحملان اسم "سهر للفوم".

 

 

المصدر : الوطنية - وجيه رشيد