أكد وزير الطاقة الأميركي دان برويليت الجمعة أن صناعة النفط في بلاده تواجه وضعا خطيرا، داعيا الجميع إلى المساعدة على خفض تخمة المعروض من الخام، في وقت وافقت فيه المكسيك على خفض إنتاجها لتنضم إلى الجهود التي تقودها أوبك بلس إلى جانب الولايات المتحدة.

وقال برويليت في كلمة معدة سلفا لاجتماع وزراء طاقة مجموعة العشرين الذي اختتم أعماله الجمعة، إن صناعة النفط في بلاده "تتأثر على نحو خطير" من "التراجعات المدمرة بشكل لا يصدق في أسواق النفط".

ونقلت رويترز عن مصدر لها أن مؤتمر وزراء طاقة مجموعة العشرين الذي انعقد عن بعد، اختتم أعماله اليوم.

وأشار الوزير الأميركي إلى أن الولايات المتحدة تتوقع خفضا في الإنتاج يقارب المليوني برميل يوميا بنهاية العام، وأضاف أن بعض التصورات تذهب إلى انخفاض يصل إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا.

وكانت إدارة معلومات الطاقة بالولايات المتحدة قالت، الخميس الماضي، إن من المتوقع أن يتراجع إنتاج الخام الأميركي 470 ألف برميل يوميا، وإن الطلب يتجه للنزول نحو 1.3 مليون برميل يوميا في 2020، في ظل تضرر الأسواق من جائحة فيروس كورونا العالمية.

وتحدث وزير الطاقة الأميركي عن وضع قاس في أسواق الطاقة العالمية، قائلا إن جائحة فيروس كورونا والفائض الضخم من معروض النفط، خلقا مزيجا قاتلا.

وقال "حان الوقت لأن تبحث جميع الدول بجد عن كل ما يمكن لكل منها بذله لعلاج اختلال العرض والطلب... ندعو جميع الدول لتسخير شتى الأدوات التي تحت تصرفها للمساعدة في تقليص الفائض".

ويجري الرئيس دونالد ترمب ومسؤولون آخرون بالإدارة محادثات مع دول أخرى للمساعدة في تقليص الفائض، في حين تخزن الولايات المتحدة أكبر قدر ممكن من النفط في احتياطاتها النفطية الاستراتيجية، لمعالجة حالة تخمة المعروض بالسوق.

وقال برويليت "سنبحث عن مزيد من الفرص لتخفيف الضرر الواقع على منتجينا... لكن من مصلحتنا جميعا أن يعود القطاع إلى وضع القوة بما يكفل أن تقود الطاقة النمو الاقتصادي من جديد وتعزز أمننا القومي".

طلب سعودي

من جهته، طلب وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، أمس الجمعة، من جميع منتجي النفط، بذل كل جهد ممكن لإعادة الاستقرار للسوق النفطية.

وقال الوزير خلال الكلمة الافتتاحية لاجتماع وزراء طاقة مجموعة العشرين الذي عقد عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، "إن إعادة الاستقرار لأسواق النفط يعتبر أمرا ضروريا لتحقيق تعاف اقتصادي سريع"، في وقت تسجل فيه الأسواق تخمة في المعروض.

وأضاف الوزير السعودي "نحث أعضاء مجموعة العشرين، بما فيهم المكسيك لتبني إجراءات ملائمة لاستقرار حالة السوق النفطية، على أساس مبادئ العدل والإنصاف والشفافية والشمول".

وتترأس السعودية، التي رتبت لاجتماع الجمعة لوزراء الطاقة، الدورة الحالية لمجموعة العشرين، وتستمر حتى نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وفجر الجمعة، قالت منظمة أوبك في بيان إن اتفاق الخميس يقضي بتنفيذ تحالف "أوبك بلس" خفضا في إنتاج الخام بمقدار عشرة ملايين برميل يوميا، اعتبارا من مايو/أيار المقبل حتى نهاية يونيو/حزيران 2020.

وبحسب الاتفاق، فإن خفض الإنتاج سيتراجع إلى ثمانية ملايين برميل يوميا، اعتبارا من يوليو/تموز حتى نهاية 2020، يتبعه بمقدار ستة ملايين برميل يوميا مطلع 2021 حتى نهاية أبريل/نيسان 2022.

وقالت أوبك "تم الاتفاق على ما ورد أعلاه من قبل جميع الدول الأعضاء في أوبك والدول غير المنتجة للنفط المشاركة في إعلان التعاون، باستثناء المكسيك، ونتيجة لذلك، فإن الاتفاقية مشروطة بموافقة المكسيك".

تحرك مكسيكي

وبينما كانت الأسواق تخشى خلافات بين السعودية (كبرى دول أوبك) وروسيا، عرقلت المكسيك اتفاق خفض الإنتاج، معتبرة أن الجهد المطلوب منها، أي خفض الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا، مبالغ فيه بالمقارنة مع دول أخرى، واقترحت خفضا بمقدار 100 ألف برميل.

وفي وقت لاحق الجمعة، أعلن رئيس المكسيك أندريس مانويل لوبيز أوبرادور أنه توصل إلى اتفاق مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، مشيرا إلى أن بلاده ستخفض الإنتاج بمقدار 100 ألف برميل يوميا.

وصرّح لوبيز أوبرادور أن ترمب وافق على خفض الإنتاج الأميركي بمقدار 250 ألف برميل يوميا "كتعويض" عن المكسيك، مضيفا أن ترمب هو الذي تواصل معه.

وفي أعقاب ذلك، أكد ترمب الجمعة أن الولايات المتحدة وافقت على مساعدة المكسيك للوصول إلى اتفاق عالمي بين الدول المنتجة وكبح انهيار الأسعار.

وقال ترمب "قبلنا خفض الإنتاج. وهم قبلوا القيام بشيء لتعويضنا في المستقبل".

وبذلك أكد ترمب قبوله خفض الإنتاج الأميركي بـ250 ألف برميل يوميا، وفق ما أفاد به نظيره المكسيكي سابقا.

ويؤشر الاتفاق المطروح إلى نهاية محتملة لحرب الأسعار بين روسيا والسعودية اللتين تحملتا النصيب الأكبر من تخفيضات الإنتاج، إذ اتفقتا على خفض إنتاجهما بحوالي 8.5 ملايين برميل في اليوم.

ولا تستطيع الولايات المتحدة، التي دعيت إلى الاجتماع، المشاركة بشكل مباشر في المحادثات، بسبب قوانينها لمنع الاحتكار التي تحظر هذا النوع من التفاهمات.

الموقف الروسي

والجمعة، تحدث ترمب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين للتباحث حول محاربة فيروس كورونا المستجد وأسعار النفط العالمية.

وقال الكرملين من جهته إن الرئيس الروسي ونظيره الأميركي ناقشا في مكالمة هاتفية الجمعة اتفاقا عالميا محتملا بشأن تخفيضات إنتاج النفط للمجموعة أوبك بلس، كما قال إن بوتين وولي العهد السعودي محمد بن سلمان تباحثا عبر الهاتف.

من جانبه، حث وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك وزراء مجموعة العشرين على العمل بروح "الشراكة والتضامن"، بحسب محطة تلفزيون محلية.

وذكرت وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء في وقت سابق الجمعة أن روسيا ستقلص إنتاجها من النفط بواقع 1.8 مليون برميل، إذا تمت الموافقة على اتفاق تحالف أوبك بلس.

تشكيك

وحتى إذا تم إبرام هذا الاتفاق، فإن مراقبين يشككون في قدرة المنتجين على دعم الأسعار. فقد قال محللون في مجموعة رايستاد إينيرجي إن "خفضا بمقدار عشرة ملايين برميل يوميا في مايو/أيار ويونيو/حزيران سيمنع بلوغ الحدود القصوى للتخزين، وسيمنع الأسعار من الانهيار، لكنه لن يسمح بتحقيق التوازن المرغوب به في السوق".

وتراجعت أسعار النفط الخميس على الرغم من اقتراب أوبك من اتفاق، إذ تسببت أوامر بفرض إجراءات عزل عام في أنحاء العالم، في سلب الحياة من الاقتصاد العالمي.

والأسواق مغلقة الجمعة في عطلة "الجمعة العظيمة" في المراكز الكبرى، لكن جرى الخميس تداول خام برنت عند نحو 32 دولارا للبرميل، وهو ما يقل بواقع النصف عن المستوى المسجل في نهاية 2019.

المصدر : وكالات