بحزنٍ وأسى بالغين تلقى العريس معتصم خبر إغلاق صالات الأفراح بعدما كادت ترفرف شمس الفرح في سماء منزله الواقع بمخيم البريج وسط قطاع غزة.

وقبل تفشي الوباء وإعلان تسجيل حالات في غزة، كان معتصم منهمك بالترتيبات الخاصة بإقامة حفل زفافه بعدما اختار برفقة خطيبته المكان والزمان لإشهار فرحهما.

لكن تلك الترتيبات لم تكلل بالنجاح، فبعد أن وصل "كورونا" للقطاع سارعت الحكومة لاتخاذ قرارات شبه مشددة أولها إغلاق صالات الأفراح والأسواق الشعبية ومنع إقامة الحفلات بالشوارع منعاً لتفشي فيروس "كوفيد-19" ضمن إجراءات احترازية للوقاية منه.

كانت الأهازيج وأصوات الهناء تعلو أجواء منزله، فجاء السقم من بعيد ليفسد ما خطط له بلحظة لينقل معه الفرح لحزن والابتهاج لاكتئاب.

وعليه قرر معتصم تأجيل حفل زفافه لإشعار غير مسمى تماشياً مع حالة الطوارئ المعلنة، وحفاظاً على سلامة أقاربه إلى جانب حياة المهنئين.

قرار جيد

تركت "الوطنية" معتصم ليحدثها عن أسباب تأجيل حفل زفافه فيقول: "كورونا هدم كل شيء ولم يبق للفرح طعم"، مؤكداً أن قرار التأجيل على الرغم من أنه محزن إلى أنه جاء لحماية أقاربي وعائلتي من الفيروس الفتاك الذي لا يفرق بين الصغير ولا الكبير.

وأضاف: "قطاع غزة محاصر من قبل الاحتلال الإسرائيلي منذ 13 عاماً ولم يستطع أن يكسرنا.. وكورونا جاء ليشد الوثاق علينا لكن لن يحطمنا وسنتجاوز هذه المحنة وسنعلي أصوات السرور عالياً".

ووصف القرار الذي اتخذته الحكومة بالجيد، موضحاً ذلك بأن مصلحة الجماعة تتقدم على مصلحة الفرد، متابعاً: "سأحدد موعد آخر للزواج بعد أن تهدأ الأمور وسنعود للفرحة والسعادة".

واعتذر لكثير من أقربائه بسبب إلغاء حفل الزفاف منعاً للتجمعات، وتحديد موعد آخر حفاظاً على سلامة الجميع، متمنياً الأمن والأمان لجميع أبناء الشعب الفلسطيني المحاصر.

الوباء خطف الحلم

أما محمد القطاطي الذي انتظر أهله بفارغ الصبر انتهاء مسيرته التعليمية بالحصول على شهادة الطب، وجعل البيت يلوح بالشفاه المبتسمة لم يكتمل.

حلم محمد، كان إشهار زواجه بأكبر صالات غزة، لكنه لم يكلل بالنجاح واتخذ سبيلاً آخر وقرر عدم الاستسلام للوباء فاكتفى بجعل عرسه بمكان صغير يجمع أهل العروسين ومهنئين قلة تجنباً للاختلاط وحفاظاً على السلامة.

نظرت "الوطنية" للشاب العشريني ودعته يحدثها عن نفسه التي بدت وكأنها ضعيفة هزيلة يملؤها الحزن، قائلاً: "الأمر ليس بسيطا كان نفسي أعمل حجات كتير نفسي فيها لكن للأسف لم ينجح الأمر وأثر هذا الأمر عليا شخصيا".

وأوضح أن التأثير السلبي لهذا الأمر لم يقتصر عليه فحسب بل كان أثره أكبر بكثير على عروسته التي بدت حزينة أيضاً بنقل فرحهم من صالة كبيرة لمكان ضيق.

وتابع والحزن مرسوم على عينيه "هذا الأمر أثر على أهلي الذين انتظروني ٧ سنوات لإنهاء دراستي ولكن بغمضة عين جاء البعيد ليذهب سريعا وتحول الفرح لتعاسة".

قسمي المهني يرفض الضرر

وحول سبب نقل حفل زفافه، أكد أنه من ناحية وطنية ومن ناحية طبية وحسب القسم المهني، فإن هذا الأمر يضر بالآخرين وعليه فتقدم مصلحة الآخرين على مصلحة الفرد الواحد.

وبحسب العادات والتقاليد ومصلحة البلد والمجتمع فالشخص مطالب من الناحية الاخلاقية أن يقدم مصلحته على مصلحة الجماعة والحفاظ على سلامتهم، يجيب محمد.

ولفت إلى أنه لا يستطيع تأجيل حفل زفافه معللاً ذلك بأنه لا يعلم متى ستنتهي هذه الظروف العصيبة التي نمر بها.

ما سبق، يلخص حكاية شباب حوصروا منذ زمنٍ بعيد وتقطعت بهم السبل فحاولوا الفرح ليأتي السقم الذي قطع دابرهم ومزق سعادتهم لكن لسان حالهم يقول :"سنفرح رغم الوباء والبلاء والحصار".
 

 

المصدر : الوطنية - وجيه رشيد