يصادف، اليوم الثلاثاء، الذكرى الـ 26 لمجزرة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، التي راح ضحيتها 29 مصلياً، وجرح 150 آخرين.

وبتفاصيل الحادثة الدقيقة وكيف وقعت، ففي هذا اليوم من فجر يوم الجمعة 25 فبراير/شباط 1994، كان الجو العام في المسجد الإبراهيمي في الخليل غريبا وغامضا، فلم تكن الأنوار التي تنير الطرق مضاءة، ولم يكن الجندي المتواجد بالقرب من المسجد مريحاً، ولم يكن إغلاق بعض أبواب المسجد اعتياديا، حتى انتشار الجنود كان مكثفاً على غير المعتاد.

أقيمت الصلاة، وبدأ الإمام بقراءة الفاتحة حتى قرأ "ولا الضالين"؛ حينها سمع أحد المصلّين الذين كانوا في الصف الأخير أحد المستوطنين من خلفه يقول بالعبرية بما معناه "هذه نهايتكم وليست نهايتنا".

وقف اليهودي باروخ غولدشتاين خلف أحد أعمدة المسجد، وانتظر حتى سجد المصلون وفتح نيران سلاحه الرشاش عليهم وهم سجود، وقام آخرون بمساعدته في تعبئة الذخيرة التي احتوت على "رصاص دمدم" المتفجر، واخترقت شظايا القنابل والرصاص رؤوس المصلين ورقابهم وظهورهم، فاستشهد 29 مصليا وأصيب 15، قبل أن ينقضّ مصلون على غولدشتاين ويقتلوه.

ثم أغلق جنود الاحتلال الموجودون في الحرم أبواب المسجد فمنع المصلين من الخروج، ومنع القادمين من الخارج من إسعاف المصابين.

وأثناء تشييع ضحايا المذبحة لم يكتف جنود الاحتلال بما جرى، بل فتح عدد منهم نيران أسلحتهم على المشيعين فقتلوا عددا آخر منهم، مما رفع عدد الضحايا ليصل إلى خمسين شهيدا 150 جريحا.

 

المقاومة ترد

 

انتفضت يومها مدينة الخليل وكل مدن فلسطين المحتلة وحتى مدن الخط الأخضر، ووقعت صدامات مع جنود الاحتلال أسفرت عن ستين شهيدا إضافيا.

وتوعدت فصائل المقاومة الاحتلال بالرد، وجاء الرد قويا من كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس وذلك بخمس عمليات فدائية في الفترة بين أبريل/نيسان وديسمبر/كانون الأول 1994 قُتل فيها 36 إسرائيليا وأصيب أكثر من مئة.

 

لجنة "شمغار"

وعوضا عن معاقبة الجاني عوقب الضحايا، فقد أغلقت قوات الاحتلال الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة ستة شهور كاملة بدعوى التحقيق في المجزرة، وشُكلت لجنة من طرف واحد عرفت باسم "شمغار" للتحقيق في المجزرة وأسبابها.

وأصدرت اللجنة حينها عدة توصيات، منها تقسيم الحرم الإبراهيمي إلى كنيس ومسجد، بحيث يفتح الحرم كاملا عشرة أيام في السنة فقط للمسلمين، ويفتح الكنيس المدة نفسها لليهود.

وفرضت "إسرائيل" واقعا جديدا على حياة المواطنين في البلدة القديمة، ووضعت حراسات مشددة على الحرم ونصبت على مداخله بوابات إلكترونية، وأعطت اليهود الحق في السيادة على الجزء الأكبر منه (حوالي 60٪) بهدف تهويده والاستيلاء عليه.

كما وضع الاحتلال كاميرات وبوابات إلكترونية على كافة المداخل، وأغلق معظم الطرق المؤدية إليه بوجه المسلمين، باستثناء بوابة واحدة عليها إجراءات أمنية مشددة، إضافة لإغلاق سوق الحسبة، وخان الخليل وشاهين، وشارعي الشهداء والسهلة. وبهذه الإجراءات فصلت المدينة والبلدة القديمة عن محيطها.

 

أغلق الاحتلال شارع الشهداء الذي يعتبر الشريان الرئيسي وعصب الحياة للفلسطينيين، مما أدى لإغلاق 1800 محل تجاري بالبلدة القديمة

وكانت المجزرة بداية مخطط الاحتلال لتنفيذ تطهير عرقي للفصل والعزل وتشريد الفلسطينيين من البلدة القديمة لبناء "مدينة الخليل اليهودية"، إذ تعطلت حياة الفلسطينيين في الأزقة بعدما قررت حكومة الاحتلال إغلاق البلدة القديمة بشوارعها وأسواقها، وتقسيم الحرم بين المسلمين واليهود.

 

المصدر : الوطنية