حالة من الترقب والقلق، تعتلي وجوه المواطنين في قطاع غزة، الذين أصبحوا فريسةً سهلة لأزمة الغاز التي طرقت أبوابهم بين عشيةٍ وضحاها، والتي ألقت بظلالها على جميع مناحي الحياة.

على أرض الواقع، وبمجرد أن يتلقى المواطن خبراً يفيد بحدوث أزمة غاز بالقطاع، يهرع مسرعاً لمحطات التوزيع لتلبية ما يكفيه من حاجاته لتغطية الفترة الزمنية القادمة، حتى ذوبان الأزمة التي ربما تستمر لوقت غير معلوم.

هذا ما حدث بالضبط، فكميات الغاز تقلصت إلى الحد الذي أدى لإغلاق المحطات الموزعة لأبوابها بوجه المواطنين، نتيجة تفاقم الأزمة، واقتصار توزيع الغاز على المشافي فقط.

وبنفس التوقيت، فقد أوقف الجانبان المصري والإسرائيلي توريد الغاز إلى قطاع غزة، ما شكل نقطة تحول جديدة وصراع آخر أضحت غزة تعيشه بفعل أزمة الغاز، إضافة إلى الحصار المفروض عليها منذ 13 عاماً وإغلاقٌ مستمر للمعابر.

شلل للحياة

المواطن أبو إبراهيم صبري (38 عاماً)، ضحية الأزمة الخانقة التي تعيشها غزة، جراء نقص كميات الغاز الواردة للقطاع، لا يجد ما يدفئ به أفواه أبنائه الثلاثة ببيت لا تتجاوز مساحته الـ 70 متراً.

يقول أبو إبراهيم، خلال حديثه لـ"الوطنية"، عندما ينفد الغاز المتواجد تصبح الحياة أشبه بسجنٍ جديد، وفي ظل البرد القارس يزاد الوضع سوءاً.

وأضاف "الحياة بتنشل إذا خلص الغاز من عندي.. وحاولت اللجوء إلى الحطب بديلاً عن الغاز لكن ما نجحت الفكرة"، وسبب ذلك أن البيت التي يعيش به مكون من غرفتين فقط ولا يوجد مكان آخر لإشعال الحطب.

وبين أن أسطوانة الغاز لا تزال عند أحد الموزعين منذ أكثر من 10 أيام، "وفي كل مرة يقوم بالاتصال به يقول إنه ليس هناك غاز متوفر بالمحطة".

وعبر عن أمله بأن تحل هذه الأزمة الخانقة التي نمر بها، مناشداً الجميع بالنظر بعين الرحمة والعمل على إنهاء هذه الأزمة بأسرع وقت ممكن.

ولا يختلف حال الحاجة فاطمة إسماعيل عن سابقته، والتي تؤكد أن أزمة الغاز سبب لها شلل بحياتها العامة، في حين أن غاز الطهي لا يمكن الاستغناء عنه.

وخلال حديثها مع "الوطنية"، قالت الستينية إن الغاز هو العمود الفقري للحياة، ولا أستطيع إشعال الحطب لكبري بالسن وضيق المساحة التي أعيش بها.

وأضافت: كنا نعتمد على الكهرباء في تسخين المياه، ولكن نظراً للانقطاع المستمر للكهرباء لجأنا للغاز ومع نفاد الغاز لم نجد شيء نتوجه إليه، والبيوت مغلقة ولا نستطيع اشعال النيران "ومن وين نجيب حطب واشعاله يحتاج لجهد وأنا لا أستطيع جلب الحطب".

نقص التوريد

مدير العلاقات العامة بوزارة المالية بغزة بيان بكر، أكد في أحاديث عده وجود نقص في توريدات غاز الطهي الى قطاع غزة من الجانب المصري، ومن الجانب الإسرائيلي.

وقال بكر، إن كميات الغاز التي دخلت إلى قطاع غزة خلال الأيام الماضية غير كافية لسد احتياج المواطنين، بسبب تقليص الامدادات من الجانب المصري والإسرائيلي، لسوء الحالة الجوية ".

وأضاف "نسعى جاهدين إلى توفير الكميات الكافية من الغاز لحاجة المواطنين" لافتاً إلى أن قطاع غزة يستهلك يومياً من 200-250طن.

وأشار إلى أن الأسعار لم تتغير ولا يوجد أي مبرر لرفع الأسعار وسيتم ملاحقة كل جهة تقوم برفع الاسعار قانونيا، متوقعا دخول كمية من الغاز المصري.

 

أزمةٌ خطيرة

أما عضو جمعية أصحاب محطات الغاز والبترول بغزة نور الخزندار، فكشف أن قطاع غزة دخل في أزمة غاز جديدة، نتيجة عدم توريد الغاز الإسرائيلي أو المصري للقطاع.

وأكد، أن الاحتلال لم يسمح بإدخال أي كميات من الغاز بدعوى عدم استقرار الحالة الجوية، وارتفاع مستوى البحر، ما يجعل كميات الغاز لديه غير كافية.

وزعم الاحتلال أن ميناء أسدود غير قادرة أيضاً على استقبال أي كميات من الغاز وتحويلها إلى قطاع غزة، نتيجة المنخفضات الجوية التي يمر بها في الفترة الراهنة، مشيراً إلى عدم دخول كميات أخرى أيضاً من الجانب المصري، وفق الخزندار.

وأضاف: "نحن الآن دخلنا في أزمة غاز خطيرة منذ عشرة أيام، لم تحدث منذ ثلاث سنوات"، لافتاً إلى عدم وجود غاز للمواطنين والمخابز والمصانع والمزارع وحتى المستشفيات، إضافة لعدم وجود مخزون استراتيجي.

وأشار إلى أن قطاع غزة يحتاج إلى 350 طناً يومياً من غاز الطهي في فصل الشتاء وخاصة في أوقات المنخفضات الجوية، في حين يحتاج إلى 200-250 طناً في الأيام العاديةـ

وأوضح أن الغاز المصري لا يدخل قطاع غزة منذ أكثر من عشرة أيام، مشيراً إلى أن الهيئة العامة للبترول في وزارة المالية تتواصل مع الجانب المصري، من أجل السماح بدخول الغاز للقطاع، وأشار إلى وجود وعودات من الجانب المصري بإدخال كميات من الغاز خلال الفترة القادمة.

الأزمة في طريقها للحل

نقابة العاملين في توزيع الغاز والبترول بغزة، أكدت أمس السبت أن كميات كبيرة من الغاز المصري في طريقها إلى القطاع، وأن مشكلة الغاز في طريقها للحل هذا الأسبوع.

النقابة بشرت الموزعين والمواطنين الأعزاء بأن كميات كبيرة من الغاز المصري في طريقها إلى قطاع غزة.

وأضافت "سيتم إدخال كمية أخرى من الغاز الاسرائيلي غداً، وإن شاء الله لن تكون أي مشكلة في الغاز بعد هذا الاسبوع".

وأمام هذه الأزمة الشديدة، فإن ما يحتاجه الناس هو بارقة أمل بأن هذه الأوضاع ستؤول إلى تحسنٍ وليس إلى مزيد من التدهور.

المصدر : الوطنية - وجيه رشيد