استخدام الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة لطائرات مسيرة صغيرة (دورنات) من أجل تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية والتي كان آخرها يوم أمس حين استهدفت دورن جيب عسكري بالقرب من السياج الفاصل المحيط بالقطاع، جعل المحللون العسكريون في الصحف الإسرائيلية يبدون مخاوفهم من ذلك.

ولم يتمكن هؤلاء من وضع حل للدورنات، سوى بالعودة إلى الفكرة الإسرائيلية الممجوجة: الردع، إذ كتب المحلل العسكري في "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، أن إسرائيل وضعت ردا للقذائف الصاروخية التي تطلقها الفصائل، بواسطة منظومة "القبة الحديدية". كذلك وضعت إسرائيل ردا على الأنفاق الهجومية، من خلال بناء جدار تحت سطح الأرض، بتكلفة 3 مليارات شيكل. "والآن تنتقل حماس إلى عالم الدرونات، التي تتجاوز الجدار الجديد الجاري بناؤه، وستشكل تهديدا كبيرا على قوات الجيش الإسرائيلي في هذا الحيز وعلى بلدات غلاف غزة.

وتابع بالقول:" رغم أن الجيش الإسرائيلي يعمل على وضع حل للدرونات أيضا، لكننا أدركنا، أمس، أن هذا ليس حلا كاملا. والحل الحقيقي لهذا التحدي، مثلما باقي التهديدات، هو إعادة الردع الإسرائيلي وتغيير سياسة الاحتواء".

وحسب يهوشواع، فإن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، "يتحدث في جميع الاجتماعات تقريبا حول الضربات الفتاكة التي يطالب الجيش بتنفيذها، وعن الحاجة إلى انتصار وتسجيل إنجازات عسكرية وليس التأثير على الوعي فقط"، وذلك مقابل سياسة رئيس الحكومة الإسرائيلية،، بنيامين نتنياهو، "الذي يريد هدوءا حتى الانتخابات" للكنيست التي ستجري الأسبوع المقبل. "لكن بكل ما يتعلق بقطاع غزة، كوخافي لم يستعرض نجاحات حتى الآن. بل على العكس، هو مستعد للتوجه إلى تهدئة طويلة الأمد مقابل حماس، ولكن مثلما اتضح منذ آذار/مارس 2018 (بدء مسيرات العودة)، يجب القيام بذلك بعد إعادة الردع فقط".

ورجح المحلل العسكري في "يسرائيل هيوم"، يوءاف ليمور، أن "يتواصل العنف في الأيام القريبة وتلزم إسرائيل بمواجهة المعضلات المعروفة بشأن ممارسة القوة" ضد الفصائل في القطاع، معتبرا أن "السبب المركزي لأحداث نهاية الأسبوع الماضي هي الانتخابات القريبة في إسرائيل. والشعور في غزة هو أن إسرائيل تمتنع عن الدخول في مواجهة في التوقيت الحالي، ما يجعلها قابلة أكثر للضغوط. وقد داست التنظيمات الإرهابية، عشية الانتخابات الماضية، في نيسان/أبريل، على دواسة العمليات، ويبدو أن هذا ما يحصل الآن أيضا"، وفق ما نشره موقع "عرب 48".

وتابع ليمور أنه "في نيسان/أبريل ردت إسرائيل في نهاية الأمر بقوة نسبية وجعلت هدأت الخواطر، لكن في المرحلة الحالية اختارت ردا معتدلا. وثمة ثلاثة أسباب مركزية لذلك: العمليات لم تسبب ضررا أو خسائر؛ الوضع في الشمال؛ والسبب الثالث هو أن حماس ليست معنية بمواجهة".

واعتبر أن "تبادل الضربات هذا يجري على نار هادئة حاليا، ولكنها قد تخرج عن السيطرة بسهولة. والتحدي أمام إسرائيل وحماس الامتناع عن ذلك، في الأيام المقبلة حتى الانتخابات، وبعد ذلك خلال فترة الأعياد (اليهودية). وهذا يعني أنه سيتم الحفاظ على حالة تأهب مرتفعة في الجنوب أيضا (كما في الشمال مقابل حزب الله وإيران في سورية)، خاصة في المجال الجوي، من أجل اعتراض قذائف صاروخية وإحباط درونات أخرى".

ووفقا ليمور، فإن إسرائيل تحمل حركة الجهاد الإسلامي مسؤولية إطلاق الدرون، أمس. وأضاف أن "الحديث يدور عن تحدٍ يتوقع أن يتصاعد في الفترة القريبة".

إلى ذلك، لفت المحلل العسكري في "معاريف"، طال ليف رام، إلى أن الدرون الذي أطلقت أمس واستهدفت مركبة عسكرية إسرائيلية، بإلقاء عبوة ناسفة عليها، هو الهجوم الثالث من نوعه.

وقال:" ورغم مخاض هذا التطوير بين المنظمات الإرهابية، فإنه يحذر الاستخفاف بهذه الخطوة. ومثلما عرفت المنظمات الإرهابية كيف تطور صواريخ في القطاع، فإن تحويل الدرون إلى أداة إرهاب فعالة هي مهمة بإمكانهم تحقيقها".

وأشار ليف رام إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن من مواجهات الدرونات في الحالات الثلاثة الأخيرة، واعتبر أنه "لذلك سنعود مرة أخرى إلى أهمية الردع. فالدرونات هي تهديد آخذ بالتطور. والمشكلة هي أن إسرائيل تنظر إلى نتائج الأحداث وتتجاهل التهديد المستقبلي".

واعتبر ليف رام أيضا، أن "إسرائيل كانت مستعدة للمخاطرة بنشوب حرب في الشمال وتصفية ناشطين لبنانيين في سورية (الغارة في عقربا) من أجل عرقلة عملية بواسطة درونات. وبالمقابل، فإنه في الجنوب، ولسبب غير واضح، تتعامل مع إطلاق درونات في منطقة الحدود وإلقاء أسلحة منها، وكأن الحديث عن لعبة".

المصدر : الوطنية- عرب 48