يتداول الكثيرين خلال هذه الأيام المباركة من شهر محرم ، حديث "التوسعة على الأهل" معتقدين أنه حديث مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، فتراهم يجتهدون في تنفيذ ما جاء فيه .

في المقابل يتسائل البعض الآخر عن صحة هذا الحديث ، وحكم التوسعة على العيال في يوم عاشوراء .

"الوكالة الوطنية للاعلام" ينفرد خلال السطور التالية ، بنشر صحة حديث التوسعة على الأهل في يوم عاشوراء ، والحكم الشرعي في ذلك ، لجميع الباحثين الراغبين بالاطلاع على صحة هذه الأقوال وهو كالتالي :-

جميع الأحاديث الواردة في الاغتسال يوم عاشوراء، والكحل، والخضاب، وغير ذلك مما يفعله أهل السنة يوم عاشوراء، كلها أحاديث موضوعة ما عدا الصيام.

فالأصل في يوم عاشوراء هو الصوم كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، وأما اتخاذه موسما للحزن أو الفرح فهذا لا دليل صحيح عليه .

وحديث : " من وسّع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته " قال فيه أهل الحديث أنه : حديث منكر لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد ورد الحديث مرفوعاً من حديث جابر ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن مسعود ، وأبي سعيد ، وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين ، وأسانيدها ضعيفة جداً لما فيها من ضعف وعلة ونكارة.

وسئل الإمام أحمد عن هذا الحديث فقال : ( لا أصل له ) ، وفي رواية : ( فلم يره شيئاً ) ، وعلق عليه ابن رجب : ( فإنه لا يصح إسناده ، وقد روي من وجوه متعددة لا يصح منها شيء ) ، وقال العقيلي : ( ولا يثبت في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء إلا شيء يروى عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر مرسلاً به ) .

وهكذا تتابع العلماء في الجزم بضعف الحديث ومنهم الحافظ أبو زرعة الرازي ، والدارقطني والذهبي وابن القيم والألباني .

ومن هؤلاء جماعة رأوا أن الحديث مكذوب موضوع منهم ابن تيمية حيث قال : ( والأشبه أن هذا وضع لما ظهرت العصبية بين الناصبة والرافضة ، فإن هؤلاء اتخذوا يوم عاشوراء مأتماً ، فوضع أولئك فيه آثاراً تقتضي التوسع فيه واتخاذه عيداً ، وكلاهما باطل ) .

ورأى بعض العلماء ـ كالبيهقي في شعب الإيمان ، والعراقي في جزء مفرد ـ أن طرق الحديث يقوي بعضها بعضاً فيكون حسناً لغيره ، وهذا قول مرجوح ، لأن من شرط التقوية أن لا تكون الطرق واهية أو معلة ، وهو غير متحقق هنا ، ولذا قال العلامة المعلمي رداً على من قال إن طرقه يقوي بعضها بعضهاً : ( بل يوهن بعضها بعضاً ) .

والمشروع للمسلم في يوم عاشوراء هو الصوم لما رواه الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فوجد اليهود يصومون عاشوراء ، فسئلوا عن ذلك ، فقالوا : هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ، فنحن نصومه تعظيماً له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " نحن أولى بموسى منكم " ، فأمر بصومه .

ومن البدع المنكرة جعل هذا اليوم موسماً للحزن أو الفرح ، فلا ينبغي أن يتخذ هذا اليوم مأتماً وموسماً للحزن والنياحة لأجل قتل الحسين بن علي رضي الله عنه فيه ، حيث لم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ مصائب الأنبياء مأتماً ، فكيف بمن دونهم ؟

وبعض الجهال يخصونه بضد ذلك من الزينة والاغتسال ، والاختضاب والكحل والتوسعة على العيال ، وكل هذه الأمور من البدع التي لم يشرعها الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم .

قال ابن القيم رحمه الله : ( وأما أحاديث الاكتحال والادّهان والتطيب فمن وضع الكذابين ، وقابلهم آخرون فاتخذوه يوم تألم وحزن ، والطائفتان مبتدعتان خارجتان من السنة ، وأهل السنة يفعلون فيه ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم ، ويجتنبون ما أمر به الشيطان من البدع ) ... والله تعالى أعلى وأعلم .

المصدر : وطنية