حذرت باحثة إسرائيلية، من أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس بدأ يفقد صبره وذلك عقب التصريحات التي أطلقها مؤخراً حول وقف العمل بالاتفاقات مع الجانب الإسرائيلي.

وقالت محاضرة العلوم السياسية في جامعة حيفا الدكتورة رونيت مارزن إن التصريح الشخصي الصادر عن الرئيس عباس حول وقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع اسرائيل، يمكن أن يكون تصريحا آخر فارغاًَ من تصريحاته الكثيرة ولكنه خطير ومن شأنه أن يتحول إلى فعل.

وتضيف في مقال لها إن "العمليات التاريخية لها وتيرة وزمن خاص بها، وأيضا هناك محطات في الطريق، تؤدي في النهاية الى نقطة فيها يكسرون قواعد اللعبة".

وتستذكر مارزن أن الرئيس عباس يمارس منصبه كرئيس للسلطة الفلسطينية منذ 2005 ويدير النضال ضد الاحتلال بالقنوات السياسية والدبلوماسية والقانونية.

ونوهت الباحثة الإسرائيلية أنه رغم تصريحات سابقة عن النية بإلغاء الاتفاقات السياسية والاقتصادية والامنية مع اسرائيل، فإن عباس لم يحطم الأدوات بعد.

واقتبست ما قاله الرئيس عباس لصحافيين أجانب بأن حل المشكلات بطرق سلمية من خلال الاتفاقات واحترام القوانين، مفضل عنده أكثر من إطلاق الصواريخ ودهورة العالم إلى شفا حرب كبرى.

وأشارت الى ما قاله الرئيس عباس في المؤتمر الاسلامي الأخير في يونيو/حزيران الماضي في مكة : نحن ما زلنا نؤمن بالسلام ونسعى الى تطبيقه حسب القرارات الدولية المتعلقة بالعملية السلمية، لا سيما مبادرة السلام العربية من عام 2002.

كما توضح أن الرئيس عباس يفضل حل النزاع بالطرق السلمية والامتناع عن الغاء الاتفاقات مع إسرائيل، زاعمة أن كل ذلك من خلال إدراكه أن هذه الخطوة ستؤدي الى حل السلطة ونقل السيطرة في الضفة الغربية الى اسرائيل وتراجع كبير لا يغتفر في مكانة حركة فتح كقائدة لنضال التحرر الوطني.

في المقابل حذرت الباحثة الإسرائيلية من أن الرئيس الفلسطيني لا يستطيع في المقابل تجاهل "المزاج الحزين" السائد لدى المجتمع الفلسطيني، ولدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية وفي حركة « فتح « ولدى فروع الشبيبة فيها، مثلما لا يستطيع تجاهل الانتقادات المتزايدة ضد الفساد في السلطة الفلسطينية.

وقالت إن المواجهات الاستثنائية بين قوات الجيش الاسرائيلي والأجهزة الأمنية الفلسطينية في نابلس وفي منطقة « اتش 1 « وفي قرية بني نعيم وتبادل الرصاص في أحد هذه الحوادث والدعم الذي تعطيه حركة فتح للجان الدفاع الليلية العاملة على وقف استفزازات المستوطنين، والشرعية التي تعطيها الأجهزة الأمنية للتطرف في خطاب حركة الشبيبة في  فتح وعودتها الى لغة الميثاق الفلسطيني من عام 1968 – كل ذلك يدلل على أن هناك شيئا ما سيئا يحدث داخل حركة  فتح وليس بالضبط بصورة موجهة من الرئاسة، بل بالأساس بسبب الشعور بالإهانة والخجل.

وأكدت الباحثة الإسرائيلية أن الرئيس عباس لا يمكنه السماح لنفسه باستبدال مبدأ « الأرض مقابل السلام» بالنمو الاقتصادي مقابل السلام (مؤتمر البحرين و صفقة القرن ) مثلما لا يمكنه الاعتراف بأن الأسرى والشهداء الفلسطينيين هم إرهابيون وغير مقاتلين وغير مناضلين من أجل الحرية.

وأضافت " كما لا يستطيع الرئيس عباس أيضا تقليص أموال المساعدات لعائلاتهم، مدعية أنه لا يستطيع ضرب نفسه إزاء الإهانة التي يتعرض لها هو السلطة من اسرائيل من خلال خرق السيادة الفلسطينية في مناطق " أ " (البحث عن المطلوبين وهدم البيوت)".

وتابعت الكاتبة " إذا فعل ذلك فيتوقع أن يفقد حتى ما بقي له من ثقة أبناء شعبه به، فهو يعرف جيدا معطيات الاستطلاع الأخير للدكتور خليل الشقاقي في حزيران 2019، الذي يقول إن 80 % من المستطلعين في الضفة الغربية يعتقدون أن مؤسسات السلطة الفلسطينية فاسدة، 50 % منهم غير راضين عن أداء عباس، 49.4 % يريدون منه الاستقالة، 42.5 في % منهم كانوا سيصوتون لمروان البرغوثي، مقابل 23.2 % لعباس إذا جرت انتخابات للرئاسة".

وقالت إن "عباس اعترف أكثر من مرة بأنه كان يفضل أن يكون في الطرف الاسرائيلي شخص يشبه اسحق رابين أو ايهود اولمرت، ولكن في الواقع السياسي الذي نشأ في اسرائيل في أعقاب الانتخابات الأخيرة تقول إنه لا يوجد يقين بأنه يستطيع إيجاد الشريك المتخيل الذي يبحث عنه، والرئيس عباس يدرك أيضا أنه لا يستطيع مواصلة طرح مشكلاته أمام الزعماء العرب والغربيين لأنهم هم كذلك كفوا عن الثقة بتصريحات السلام التي يرددها، وهم يعتبرونه عبئا أكثر مما هو فرصة"

واعتبرت أن الرئيس عباس بدأ مكرها في البحث عن حل في بيته: تجديد جهود المصالحة معحماس من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية وصياغة استراتيجية سياسية واحدة وواضحة أمام اسرائيل.

وأوضحت أن نشر عباس تصريحه عن إلغاء الاتفاقات مع اسرائيل بعد خمسة أيام فقط على زيارة وفد حماس الى إيران، ليس صدفة كما يبدو. زاعمة أن الرئيس عباس أراد الضغط على حماس من أجل المصالحة معه، والضغط على اسرائيل من أجل التقدم معه نحو تسوية سياسية.

وقالت " يعطي عباس للزعماء المعتدلين من حماس في غزة ، يحيى السنوار، وفي قطر، خالد مشعل، إشارات بأنه يجدر بهم الإسراع الى التصالح معه قبل أن يضطر الى التنازل عن السيطرة في الضفة وعن احتمال ضمها الى قطاع غزة".

ومضت الكاتبة قائلة « كذلك قبل أن يزج صالح العاروري وايران حماس في مواجهة عسكرية، تجر اسرائيل الى داخل القطاع وتؤدي الى انهيار نهائي لحكم حماس، بحسب ما نقلته صحيفة القدس العربي.

كما يعطي الرئيس عباس لإسرائيل إشارات بأنه يجدر بها التقدم نحو تسوية سياسية معه، وإلا فإنها ستضطر الى أن تواجه وحدها "الإرهاب" الذي سيأتي من الضفة وتحمل عبء أمني واقتصادي ثقيل، الذي تحررت منه في عام 1994 بعد توقيع اتفاقات اوسلو " وفق ما ذكرته الكاتبة.

وفي الخلاصة حذرت الباحثة الإسرائيلية من أن تصريح الرئيس الفلسطيني هو علامة فارقة في الطريق، وإذا لم يكن الأخير فهو يضاف الى تصريحات سابقة.

وأضافت " كلما زادت هذه التصريحات فإن الابتعاد عن نقطة التحول آخذ في التقلص.هذه المرة التصريح جاء من عباس وليس من مؤسسات م.ت.ف. ومن شأنه أن يدل على أن صبره وصبر حركة فتح له حدود".

المصدر : الوطنية