انتقد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، لأول مرة بشكل علني، الدور العربي وخاصة المصري تجاه الشعب الفلسطيني، وقال إن النظام العربي كنظام هُزم أمام المشروع "الصهيوني"، وترك الفلسطينيون لوحدهم في مواجهة هذا المشروع.

وأضاف النخالة:" نحن كفلسطينيين لدينا خيبة أمل كبيرة من النظام العربي على مستوى الدعم والتأييد والاحتضان، ومشكلتنا لم تعد مع "إسرائيل" فقط، بل مع هذا النظام العربي الذي صُمّم لامتصاص تداعيات وجود "دولة إسرائيل".

وفي حوار صحفي مع مركز باحث للدارسات والذي نشر اليوم الأربعاء، ذكر المخالة أن المقاومة الفلسطينية محاصرة من الجميع، باستثناء إيران التي انفتحت على القضية الفلسطينية منذ نجاح الثورة الإسلامية، فحوّلت سفارة إسرائيل إلى سفارة فلسطين، واستقبلت ياسر عرفات"، مضيفًا: "حركة فتح كانت أوّل من أقام علاقات مع إيران".

واعتبر أن الدول العربية "لا تدعم الشعب الفلسطيني؛ لكنها تحاسبه إذا تلقّى الدعم من إيران"، "أستطيع القول إن كل ما تتمتع به المقاومة من إمكانيات هو بفضل دعم الجمهورية الإسلامية لها".

وفي حديثه عن الصراع مع "إسرائيل" ودور السلطة الفلسطينية، أوضح النخالة أن "إسرائيل عجزت عن خلق شرطة فلسطينية من المواطنين الفلسطينيين قبل اتفاق أوسلو. لكن، وبعد هزيمة منظمة التحرير في لبنان عام 1982، استطاع الإسرائيلي أن يعقد معها اتفاقاً، بعد تشتيت قواها نتيجة العدوان على بيروت. وهذا الاتفاق بين "إسرائيل" ومنظمة التحرير كان من أجل خلق شرطة فلسطينية تحكم المواطنين".

ومضى بالقول: " ثار الشعب الفلسطيني على اتفاق أوسلو. وقد شهدنا عام 2000 انتفاضة كبرى. ونتائج هذا الاتفاق الكارثية نلمسها اليوم، حيث تحوّلت السلطة في رام الله إلى مجرّد أداة تتلقى الدعم والأموال من «إسرائيل»؛ حتى قنابل الغاز التي تواجه بها السلطة المتظاهرين في رام الله هي قنابل إسرائيلية. وبالتالي، تحوّلت السلطة الفلسطينية، للأسف، إلى شرطة قمع للمواطنين لصالح «إسرائيل». وخلال 25 عاماً فقدنا كلّ الضفة الغربية لصالح المستوطنات الإسرائيلية؛ فالضفة مساحتها 6000 كلم2، لكن يتحرك الفلسطينيون في مساحة 40 كلم2 منها فقط".

أما الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها الجهاد الإسلامي، فهي ترفض صيغة اتفاق أوسلو. لذلك لا يمكن خلق برنامج مشترك بين السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة. ولأن الإسرائيلي حاضر في كلّ الملفات، فإن السلطة لا تجرؤ أن تصيغ اتفاقاً يتضمن اعترافاً بالمقاومة، بحسب ما قاله النخالة.

وبشأن المصالحة الفلسطينية، قال إنها أصبحت "مرتبطة بالعقل الإسرائيلي، معتبرًا أن السلطة لا تستطيع أن تُقدم على أية خطوة لا توافق عليها إسرائيل، لافتًا إلى أن طريقها كان مسدودًا، "لأننا لم نستطع أن نتوصل إلى اتفاق ومحدد؛ أي أننا لم نتوصل إلى مشروع وطني فلسطيني متوافق عليه. فالسلطة متمسكة بموقفها الذي يقوم على أساس اتفاق أوسلو، ولديها التزامات مع الإسرائيليين بأن لا يكون هناك سلاح ومقاومة"، وفق النخالة.

بالنسبة للدور المصري، اعتبره دور مهم، وقال:" نحن نحتاجه لتحسين الوضع الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة. لكن مصر تعترف بالسلطة كجهة شرعية تمثّل الشعب الفلسطيني؛ وبالتالي هي توافق على نهج السلطة في عقد اتفاق سلام مع إسرائيل. كما أن مصر تعتبر أن قطاع غزة يشكّل تهديداً لأمن الحدود المصرية؛ والرؤية المصرية تتمثّل في الاستمرار بما يُسمّى عملية السلام مع إسرائيل".

وأضاف:" مصر تأخذ دور الوسيط المحايد (نسبياً) بين الفلسطيني في غزة والفلسطيني في الضفة، وبين الفلسطينيين والإسرائيليين! "، معتقدًا أن مصر لم تأخذ بعد دورها الطبيعي كأكبر دولة عربية، و عليها أن تدعم المقاومة بشكل واضح. لذلك ليست هناك إنجازات مصرية في موضوع المصالحة الفلسطينية.

وشدد على أنه حركة الجهاد الإسلامي تعتبر أن المصالحة يجب أن تتضمن برنامجاً سياسياً يحمي المقاومة ويتبنّاها. معبرًا عن رفضه لاتفاق أوسلو، متسائلاً:" فكيف يُعقل أن السلطة الفلسطينية لا تستطيع أن تحكم في الضفة الغربية، حيث الإسرائيلي هو الحاكم، وتريد أن تحكم قوى المقاومة في قطاع غزة. لذلك لن تكون هناك مصالحة ضمن رؤية السلطة الفلسطينية".

وقال النخالة إن هذا الإصرار من السلطة على التزامها باتفاق أوسلو، والذي لم يجنِ منه الشعب أية نتيجة، سيؤدّي إلى انفصال تاريخي وتهديد تاريخي لوحدة الضفة الغربية وقطاع غزة؛ فـ«إسرائيل» هي المتحكمة بوحدة الجغرافيا، وبوحدة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية.

ووفقا لما ورد في تصريحات النخالة، فإن السلطة لا تستطيع أن تُقدِم على أية خطوة لا توافق عليها إسرائيل، والمصالحة أصبحت مرتبطة بالعقل الإسرائيلي، و إن إسرائيل تعمل على الاستيلاء الكامل على الضفة الغربية، وإنهاء دور السلطة في الضفة، وجعل قطاع غزة الهوية السياسية للشعب الفلسطيني. وللأسف هناك تعاون عربي كبير في هذا الاتجاه.

وسئل عند انتخابكم على رأس قيادة حركة الجهاد الإسلامي، قيل الكثير عن تمويل وتوجيه إيراني سياسي وعسكري و(مذهبي) لكم؛ فكيف تردّون على هذه المزاعم؟، لُيجيب:" من الواضح أن المقاومة الفلسطينية محاصرة من الجميع، باستثناء الجمهورية الإسلامية التي انفتحت على القضية الفلسطينية منذ نجاح الثورة الإسلامية، فحوّلت سفارة إسرائيل" إلى سفارة فلسطين، واستقبلت ياسر عرفات. وكانت حركة فتح أوّل من أقام علاقات مع إيران".

وتابع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي إجابته:" إيران اليوم هي الدولة الوحيدة التي تدعم الفلسطيني، وهي تدفع ثمن هذا الدعم من خلال الحصار المفروض عليها من الولايات المتحدة ودول أخرى. ومع الأسف، أن الدول العربية لا تدعم الشعب الفلسطيني؛ لكنها تحاسبه إذا تلقّى الدعم من إيران".

أما بالنسبة للجانب المذهبي، فقد زُجّ به في هذا الإطار، وهو لا وجود له. فالإيرانيون لا يسعون إلى تشييع أهل السنّة في فلسطين، ولا أهل فلسطين يسعون إلى التشيّع، وباعتقادي، الخارطة المذهبية لا يجب المساس بها أبداً. لكن يجب أن يكون هناك حدٌ أدنى من التعايش والالتقاء والتقارب على قاعدة أننا مسلمون. والحديث عن الموضوع المذهبي مُبالغ فيه؛ وهذه المبالغة ليست بعيدة عن المؤامرات التي تُحاك ضدّنا، وفق ما تحدث به النخالة عن مسألة إيران.

وقال النخالة إن دعم إيران لنا وللفصائل الأخرى لم يكن يوماً على أساس مذهبي، ونحن مستمرّون في هذه العلاقة الأخويّة. وأستطيع القول إن كلّ ما تتمتع به المقاومة من إمكانيات هو بفضل دعم الجمهورية الإسلامية لها.

ولفت إلى أن كلّ ما يحدث في المنطقة هو من أجل تثبيت "إسرائيل"، سواء أُطلِق على هذا المشروع "صفقة القرن" أو غير ذلك، موضحاً أن نجاح هذا المشروع أو فشله يعتمد علينا كفلسطينيين وعلى المقاومة في فلسطين، ويعتمد على الأحرار في المنطقة والداعمين للمقاومة، كحزب الله وإيران. كما أن دور سوريا في دعم المقاومة مهم أيضاً"، كما قال.

وشدد النخالة قائلاً:" نحن كفلسطينيين لدينا خيبة أمل كبيرة من النظام العربي على مستوى الدعم والتأييد والاحتضان، وتابع:" إذاً، مشكلتنا لم تعد مع إسرائيل فقط، بل مع هذا النظام العربي الذي صُمّم لامتصاص تداعيات وجود "دولة إسرائيل". في السابق كان الحديث عن الأردن أنها دولة أُنشِئت للهدف المذكور؛ ولكن يبدو اليوم أن النظام العربي قد تمّ تفصيله لامتصاص سيطرة إسرائيل على فلسطين".

وأردف النخالة قائلاً:" نحن ندفع ثمن ضعف النظام العربي أمام إسرائيل. لكنّنا سنواجه صفقة القرن وأية صفقة أخرى تهدف لتصفية القضية الفلسطينية، أو لترسيخ سيطرة إسرائيل على ما تبقّى من فلسطين".

المصدر : الوطنية