تتسارع الأحداث السياسية داخل حلبة الصراع الداخلي الفلسطيني، والتي أنشأتها حقبة تكاد تتخطى الـ 11عامًا من الانقسام بين حركتي "فتح" و "حماس".

يطفو اليوم على سطح أشهرٍ من الفشل في تطبيق ما استقر عليه الإجماع الوطني الفلسطيني من "تفاهمات" في القاهرة أواخر العام الماضي، ملف الانتخابات الذي أعلن طرفا الانقسام سابقًا جهوزيتهما لفتحه والخوض فيه حتى إتمامه في أكثر من مناسبة بما يخدم مصلحة أبناء الشعب الفلسطيني في شطري الوطن.

وبدون سابق إنذار وبعد إعلان القيادة عن وصول الحوار مع حركة "حماس" إلى طريق مسدود، استقبل الرئيس محمود عباس مساء الأحد الماضي بمقره في رام الله، رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر، وحمله رسالة العمل على إجراء انتخابات تشريعية، كما طلب منه الذهاب لغزة والاجتماع مع "حماس" لإجراء مشاورات البدء في عقد الانتخابات أو كما أسمتها القيادة في هذه المرحلة "الخيار الديمقراطي".

وكان عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد اشتية قال خلال افتتاح المركز الطبي في الجامعة العربية الأمريكية برام الله مساء أمس الإثنين، أن الشعب من حقه اختيار ممثليه من خلال انتخابات حرة ونزيهة للبرلمان في كامل الأراضي الفلسطينية وعاصمتها القدس، موضحًا أن حركته جاهزة لعقد الانتخابات واحترام اختيار الشعب.

وطالب اشتية "إسرائيل" باحترام الاتفاقات الموقعة بخصوص الانتخابات وخاصة مدينة القدس والسماح بإجراء الانتخابات كما جرت سابقًا في عام 1996 وعام 2006، مبينًا أن جهود عقد الانتخابات يرافقها تشكيل حكومة سياسية فصائلية تشمل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.

ولمعرفة مدى قبول الأطراف الأخرى والتعليق على طلب الرئيس، أجرت "الوطنية" اتصالات بنواب وقيادات من حركة "حماس"، وكذلك الفصائل المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير، حيث أكد النائب عن حركة "حماس" يحيي موسى، استعداد حركته لخوض الانتخابات في حال تماشيها مع ما تم الاتفاق عليه في جلسات المصالحة التي عقدت عام 2011 في العاصمة المصرية القاهرة آنذاك.

وقال موسى في حديثه، "نحن مع فكرة الانتخابات العامة وفق ما تم التوافق عليه خلال مشاورات القاهرة 2011 مع جميع الفصائل، وهي الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني بشكل متزامن دون إي انتقاء".

وأشار إلى أن الأولى من تقديم موعد الانتخابات البرلمانية، الشروع قدمًا لتكوين شرعية رئاسية للشعب الفلسطيني، فيما أن انتخابات المجلس الوطني وفق إطار وطني موحد أولى من أي مؤسسة أخرى كونه الهيئة التمثيلية التشريعية العليا للشعب.

وطالب النائب موسى، الرئيس عباس بعدم تخطي اتفاق القاهرة أو القفز عنه طالما وأن هناك اتفاقاً مسبقًا بحضور كافة الفصائل الفلسطينية، مضيفًا "ونحن ملتزمون به".

بدوره، أكد عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" محمود الزهار، أن حركته بانتظار معرفة آلية الانتخابات التي يجهز لها الرئيس وماهيتها، بناءً على ما طلبه من رئيس لجنة الانتخابات المركزية.

وتساءل الزهار: "هل هي انتخابات تجرى بشكل مجزأ بلدية أو تشريعية أو رئاسية أو مجلس وطني كلٌ على حدى ومعرفة مصير مؤسسة دون معرفة مصير باقي المؤسسات؟ أم أن إجراءها يشمل كل هذه المؤسسات كافة؟".

وأوضح أن اتفاق عام 2011 كان ينص على إجراء انتخابات تشمل جميع المؤسسات لمعرفة من الأحق في تمثيل الشعب الفلسطيني، وهذا ما تحمله الحركة حتى الآن، قائلًا "طلبنا من الرئيس سابقًا إجراء انتخابات بلدية ولم يجرها".

وأضاف "في حال تم طرح مقترح يظهر كافة المعلومات حول الانتخابات، سيتم مناقشته في إطار الأرضية المتفق عليها خلال حوارات عام 2011".

يذكر أن عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" حسين الشيخ، قال إن المرحلة تتطلب تشكيل حكومة فصائلية من أحزاب منظمة التحرير، وتضم شخصيات وطنية، لخلق حالة جيدة قبل إجراء الانتخابات.

وأضاف "الحوار مع حماس وصل إلى طريق مسدود بسبب ممارساتها في غزة، وآخر تلك الممارسات هو التضييق على موظفي السلطة في معبر رفح، مشيرًا إلى أن الرئيس طلب من حنا ناصر التوجه لقطاع غزة وفتح حوار مع حماس للقبول بخيار الديمقراطية".

وتابع "الرئيس قال لناصر، إنه على استعداد لخوض الانتخابات بقائمة واحدة موحدة مع كل الفصائل الفلسطينية، أولهم حركة حماس، وطلب منه أن يوصل هذا الكلام لقيادة الحركة بغزة".

الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كان لها رأيها في هذا الموضوع، حيث قال عضو  مكتبها السياسي طلال أبو ظريفة إنهم مستعدون  للانتخابات على أساس شمولي يجمع البرلمان والرئاسة والمجلس الوطني والبلديات والنقابات في كافة الأراضي الفلسطينية، وتجديد ممثليها ومرشحيها حسب الاتفاق الوطني.

وأوضح أبو ظريفة، أن هذه الآلية الوحيدة القادرة على إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، بناءً على قاعدة التمثيل النسبي الكامل ومشاركة الكل الفلسطيني بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن، خصوصًا في هذه المرحلة الخطيرة في تاريخ القضية الفلسطينية.

وأشار إلى أننا في مرحلة المطلوب فيها القضاء على سياسة التفرد والاستحواذ في القرار، مؤكدًا أنه تم توجيه دعوة لاجتماع يضم الأمناء العامين للفصائل سريعًا لمناقشة الوضع الداخلي الفلسطيني بما فيه ملف الانتخابات للخروج بنتيجة تسهل العملية دون إلغائها أو إفشالها.

من جهتها، أعربت عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية مريم أبو دقة في حديثها، عن موافقة "الشعبية" على إجراء الانتخابات بدون أي انتقاء أو مخالفة لما بُحث في اتفاق عام 2011.

وتوافقت تصريحات أبو دقة مع باقي الفصائل بعدم السماح لحالة التفرد ومحاولة التخلص منها خصوصًا في هذه المرحلة، مؤكدةً كامل الاستعداد من قبل كافة كوادر الجبهة لتذليل أي عقبات في طريق إنهاء الانقسام للنهوض في المشروع الوطني، وإعادة بناء منظمة التحرير على أساس من الشراكة.

ولفتت إلى أنهم لن يشاركوا في أي انتخابات تشريعية قادمة، كونها من إفرازات اتفاق "أوسلو" المنتهي أساسًا، مضيفةً "قرارنا معمم على كافة فصائل المنظمة وسنبقى عليه".

وبعد الاطلاع على نص وثيقة اتفاق المصالحة لعام 2011 تبين أنه تم التوافق على أن تجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني متزامنة يوم الاثنين الموافق 28/6/2010 ويلتزم الجميع بذلك.

فيما تجرى انتخابات المجلس الوطني على أساس التمثيل النسبي الكامل في الوطن والخارج حيثما أمكن، بينما تجرى الانتخابات التشريعية على أساس النظام المختلط.

وتتم الانتخابات التشريعية بالنظام المختلط على النحو التالي: 75% "قوائم" و25% "دوائر" ونسبة حسم 2%، بواقع 16 دائرة انتخابية "11 في الضفة الغربية، و5 في غزة".

وكذلك أن تجرى تحت إشراف عربي ودولي، مع إمكانية اتخاذ كافة التدابير لضمان إجرائها في ظروف متكافئة ومواتية للجميع، وفي جو من الحرية والنزاهة والشفافية، وفي جميع مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، بما فيها القدس، وتوقيع ميثاق شرف بين جميع القوى والفعاليات المشاركة في الحوار لضمان إجرائها.

وبخصوص آلية الرقابة تم التأكيد على ما ورد في المادة "113" من قانون الانتخابات بشأن مراقبتها وتغطيتها، وكذلك تعزيز الرقابة بتوسيع المشاركة المحلية والعربية والدولية.

وفي حالة إنشاء نظام إلكتروني يتم توفير آليات الرقابة الإلكترونية على أن يكون التدقيق الورقي هو المعيار المعتبر في هذا الشأن.

وأخيرًا، تشكيل محكمة قضايا الانتخابات وفقاً لأحكام القانون من رئيس وثمانية قضاة بتنسيب من مجلس القضاء الأعلى، ويعلن عنها بمرسوم رئاسي بعد استكمال الإجراءات لتشكيله "مجلس القضاء الأعلى" بالتشاور والتوافق الوطني وفق القانون وبما لا يمس باستقلالية السلطة القضائية.

ومن ثم تشكيل لجنة الانتخابات بإشراف رئاسي بناءً على المشاورات التي يقوم بها وعلى تنسيب القوى السياسية والشخصيات الوطنية.

 

خاص - الوطنية - فادي بارود

المصدر : الوطنية - فادي بارود