في الفترة من 9 إلى 12 كانون الثاني، عقدت قيادة التيار الإصلاح الديمقراطي في حركة "فتح" دورة اجتماعات استثنائية لبحث ومراجعة جميع التطورات الداخلية والوطنية والإقليمية وما يحيط بالقضية الوطنية من مخاطر جسيمة في ظل استمرار الانقسام الداخلي و تصاعد هجمة التهويد والاستيطان التي تجتاح القدس و الضفة الغربية إلى جانب الحصار القاسي على سكان قطاع غزة.

واستمعت قيادة التيار إلى كلمة سياسية مفصلة من محمد دحلان (أبو فادي) الذي استعرض فيها الأوضاع الراهنة من كل جوانبها الحركية والوطنية والإقليمية، إذ طالب دحلان قيادة "التيار" بتدارس التطورات وإقرار ما يلزم من توجيهات وسياسات للفترة المقبلة.

في المقابل، استمعت القيادة إلى تقييم شامل من قبل القيادي سمير المشهراوي (أبو باسل) سلط فيها الأضواء على الجهود المبذولة في الساحتين الوطنية والإقليمية وسبل الخروج من الانسداد الوطني الراهن.

وعلى مدى أيام الدورة بحثت قيادة "التيار" كل جوانب المشهد الفلسطيني الراهن وبصورة  خاصة واقع الانقسام الوطني واستمراره دون حلول حتى الآن، كما تدارست القيادة بعمق أوضاع حركة فتح وسبل استعادة وتعزيز وحدتها الداخلية كضمانة وطنية حاسمة.

كما توقفت قيادة "التيار" ببالغ الاحترام والتقدير أمام الاحتفالات المهيبة لإحياء ذكرى استشهاد القائد ياسر عرفات، وكذلك إيقاد شعلة الذكرى 54 لانطلاقة حركة فتح ، حيث عبرت عن شكرها العميق لقيادات الساحات و العمل التنظيمي و المكاتب الحركية و لكل" من شارك و ساهم في إعداد و تنفيذ تلك الاحتفالات الرائعة والتي تكللت بالنجاح و على نحو يليق بمكانة أبو عمار وفتح في قلوبنا جميعا".

ووجهت تحية شكر وعرفان واجبة للمرأة الفلسطينية والعمال البواسل و قياداتهم والقطاعات الشبابية من اخواتنا وابنائنا وأنصارنا الذين عملوا بلا كلل او ملل وبإمكانيات محدودة لإظهار الاحتفالية على ذلك النحو الرائع في الحشد والتنظيم والانضباط والإدارة والحيوية،" فشكرا للجميع، شكرا لاخواتنا الباسلات ، وشكرا لعمالنا الأشاوس و شكرا لشبيبتنا الصاعدة ، ونقول لهم بأن المستقبل لكم ، وبأن غزة ستصمد بكم وفلسطين ستنتصر بكم"، وفق ما جاء في بيان "القيادة".

وفي ختام دورة الاجتماعات، اتخذت "قيادة التيار" سلسلة هامة من التوجيهات والقرارات لمجابهة متطلبات المرحلة القادمة والاستعداد لكل الاحتمالات.

ودعا "التيار الإصلاحي الديمقراطي" جميع الفتحاويين للعمل الجاد و المخلص من أجل إعادة توحيد الحركة باعتبار فتح عمود الخيمة الوطنية الفلسطينية.

وأكد أن وحدة فتح هو السبيل الأمثل لتعزيز أوضاع الحركة و استعادتها لمكانتها القيادية الوطنية المميزة, و مقدمة ضرورية للوحدة الوطنية الفلسطينية وفي سبيل استعادة وحدة فتح.

وقال:" إن التيار بكل قياداته ومؤسساته سيبادر لحوار جاد و منفتح مع أخوتنا رفاق الدرب و أبناء الإرث الواحد، إرث الرئيس الشهيد الرمز أبو عمار و أخوته الأبرار أبو جهاد وأبو أياد و أبو علي إياد وأبو يوسف النجار وكمال ناصر وكمال عدوان و ماجد أبو شرار وسعد صايل وأبو الهول وأبو علي شاهين".

ويرى "التيار" بأن الانقسام الوطني واستمراره قد ألحق ويلحق أخطر الأضرار بالقضية الفلسطينية وأتاح للاحتلال مساحة مريحة لـ تهويد القدس وتوسيع الاستيطان بخطوات غير مسبوقة وخطيرة في ظل عجز رسمي فلسطيني و عربي و انشغال دول الأمة أو ترددها في التعامل مع الواقع الفلسطيني المنقسم.

وشدد على أنه لا شيء يبرر استمرار الانقسام، مطالبًا الجميع بالتعاون الجاد مع مبادرات الشقيقة مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويعتبر التيار بأن الدور المصري هو الممر الوحيد الآمن الذي بإمكانه أن يصل بنا إلى إنهاء الانقسام و إلى مرحلة من التفاهم و مستوى لائق من العلاقات الوطنية وبما يمكن شعبنا من إعادة بناء المؤسسات الوطنية بعد أن أصبحت بلا تأثير أو وجود فعلي في ظل الانقسام والتشرذم.

ورفض "التيار" بالمطلق قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بحل المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب بهدف إحلال هياكل هشة و معينة بديلا عنه، مؤكداً أن قرار رئيس السلطة باطل وساقط قانونيا و كأنه لم يكن، و يعلن التيار التزامه التام بالقانون الأساسي والذي ينص صراحة على استمرار ولاية المجلس التشريعي الى حين إتمام انتخابات رئاسية و تشريعية جديدة.

ودعا جميع القوى الفلسطينية و الشخصيات و مؤسسات المجتمع المدني لإطلاق حراك وطني شامل بهدف إلزام من يلزم بإحياء واستعادة العملية الديمقراطية عبر انتخابات وطنية شاملة تشمل المؤسسة التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني من أجل إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية بما يعيدها لمكانتها ممثلا شرعيا وحيدا لشعبنا في كل أماكن تواجده.

وطالب "التيار" بتحديد جداول زمنية محددة وملزمة للانتخابات، واعتماد  آليات مراقبة عربية دولية شاملة وشفافة مع التزام الجميع بميثاق شرف وطني بقبول نتائج الانتخابات بغض النظر عن الفائز و الخاسر لأن شعبنا هو من سيفوز بحقه الطبيعي و ديمقراطيته المهدورة.

كما طالب بوجوب إجراء الانتخابات متزامنة و بما لا يتجاوز منتصف شهر آب أغسطس من هذا العام، إذ ينتظر بعين الاحترام و الحرص للعلاقات مع جميع القوى الوطنية والإسلامية سواء من كان منها تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية أو خارجها، وخاصة تلك العلاقات التي يسعى التيار لـ تعميقها وتطويرها مع الأخوة في حركتي حماس والجهاد الإسلامي و بما يخدم أهداف شعبنا و قضيته العادلة.

وقال إن "التباينات في الرؤى و المواقف لا يجوز أن تكون سبباً للفرقة والانقسام، وإن جمعتنا فلسطين، وإن جمعتنا القدس الحبيبة فلا شيء ينبغي له أن يفرقنا ، فلنبقى موحدين حتى تحرير أرضنا وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها قدسنا الحبيبة مع استعادة حقوق لاجئي شعبنا وفقا للقرار الدولي 194 ".

وبين أن" من تلك المنطلقات الوطنية الواضحة حرص التيار ويحرص على تطوير العلاقات مع الاخوة في حركة حماس وبما يعالج جراح الماضي ويفتح الآفاق نحو المستقبل، مؤكداً أن لغته واحدة واضحة في السر والعلن ، فليس لدينا ما نخشى منه أو عليه سوى وطننا فلسطين ، ومن أجل ذلك الوطن الغالي نؤكد مجدداً بان ما يحكم مواقفنا هو ثوابت و حقوق شعبنا في العودة والسيادة في دولتنا المستقلة وعاصمتها الابدية القدس إلى جانب انتزاع حقوق اللاجئين وعودتهم الى ديارهم".

وأضاف:" أمام ما يحيط بأهلنا في قطاع غزة من مخاطر انسانية جسيمة جراء الحصار المزدوج ، وازاء ما يروج له البعض من إجراءات وقرارات لا أخلاقية يخطط لها البعض ،فإن تيار الإصلاح الديمقراطي يؤكد وقوفه في طليعة المواجهة مع الظلم والانحراف والتغول على فقراء شعبنا وحقوقهم الطبيعية في التعليم والصحة وحرية العمل والحركة وحقهم في العيش اللائق".

فيما اعتبر بأن اية اجراءات جديدة بحق أهلنا يعد عدوانا سافرا يستوجب مواجهته بما يلزم من قرارات وإجراءات مدروسة ومتفق عليها، ونحن في قيادة التيار لن نسمح باستباحة حقوق أهلنا في غزة والتي كانت دوما وستبقى أبدا القلب النابض لقضيتنا و ثورتنا الوطنية، فلا دولة فلسطينية ولا استقلال بدون غزة، ولا دولة في غزة لوحدها ، ولا دولة دون أن تكون القدس عاصمتها شاء من شاء وابي من ابي .

كما يرى "تيار الإصلاح الديمقراطي" أن الانتخابات الوطنية الشاملة حق وواجب فوري، ومن ذلك المنطلق، يؤكد التيار عزمه الكامل على المشاركة الشاملة في الانتخابات وعلى كل المستويات، كما أكد أن أولويته الأولى تنحصر جليا في خوض الانتخابات على أساس حركي فتحاوي واحد موحد كلما امكن و أينما أمكن ومع إبداء كل المرونة اللازمة لتحقيق وحدة الحركة في المجال الانتخابي على أقل تقدير.

وتابع:" إن تعذر ذلك لأسباب تتعلق بأهواء واختيارات الاخرين فإن تيار الإصلاح الديموقراطي يمد يده لكل القوى والشخصيات الوطنية لتشكيل تيار وطني جامع و حقيقي يمثل جميع التوجهات الوطنية الفلسطينية في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة وكذلك خارج فلسطين لخوض انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني ".

كما دعا  "التيار" جميع مؤسساته وأبنائه وانصاره إلى العمل المكثف والاستعداد الدائم للانتخابات الوطنية تحت شعارنا الدائم أنجز وكأن الموعد غدا .

وفي اختام الاجتماعات اتخذت قيادة التيار سلسلة من الإجراءات والقرارات الداخلية بهدف المزيد من التطور والارتقاء بالعمل الحركي والوطني وسيتم تعميمها بالوسائل والطرق التنظيمية المعتادة.

المصدر : الوطنية