هروبٌ من الفراغ، واستكمالٌ لمرحلة الإدمان التكنولوجي التي تصيب معظم مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من فئة الشباب بالتحديد، جاءت لعبة الـ"PUBG" الإلكترونية، بصورة غير متوقعة لتنتشر بين مستخدمي الأجهزة الذكية.

ما هي لعبة "PUBG"

البوبجي "PUBG MOBILE" هي تلك اللعبة التي تبدأ بمائة لاعب في طائرة حربية تحلّق فوق جزيرة كبيرة، ويمكن للاعب في هذه المرحلة اختيار مكان قفزه من الطائرة، بعد ذلك يقوم بجمع الأسلحة والإضافات الأخرى لتساعده على النجاة، وسيكون دور هؤلاء اللاعبين المائة في اللعبة صيّادين أو ضحايا، والفائز في اللعبة هو الشخص الأخير الحيّ على الجزيرة.

إن المحفزّ على القتال في هذه اللعبة والنقطة التي ستجعلك تتحرك من مكانك باستمرار بدلا من الجلوس وانتظار انتهاء اللعبة، هو أن منطقة اللعب تتقلص بشكل مستمر، وكل اللاعبين الموجودين خارج المنطقة هذه سينتهي بهم الأمر بالموت والخسارة، بينما يبقى من داخل المنطقة في المعركة إلى أن يخرج منتصر أخير.

إدمان إلكتروني

ظهرت صفحات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة متخصصة في لعبة "PUBG" تتحدث على مدار الساعة في أسرارها وطريقة لعبها والنقاش حولها وحول التحديثات المستمرة عليها، ما جعل القائمين عليها، يخصصون صفحات لاقتراح تحديثات و تلقي الشكاوي.

ونتيحجة الإدمان الملاحظ على اللعبة من الجميع ومن بينهم فئة الموظفين، أضطرت شركة  "مارت" للتسويق الالكتروني في فلسطين بوضع ملاحظة على الحائط  مكتوب فيها "يسمح للموظفين بلعب لعبة "PUBG" نصف ساعه يوميا خلال أوقات الدوام"، وجاء ذلك بعد ملاحظة إهمال العمل والانشغال بها.

لماذا يلعبون لعبة الـ"PUBG"؟

"أصبحت من مدمني لعبة (PUBG) ولاحظت أنني أمضي جل وقتي بلعبها، وبدون انتباه معاملتي لأبنائي وزوجتي تراجعت كما في السابق, بدأت بلعبها بعد إلحاح من إخوتي، بحيث أصبحت اجتماعاتنا العائلية منعزلة ولا ينظر أحد إلى وجه الآخر، مما زاد الفضول لدي في تجربتها ولم أعلم أني سأصبح من مدمنيها" هذا ما قاله لنا ابن الثلاثين ربيعاً "محمد".

أما عن الفتاة سلسبيل (20 عامًا) فتقول، إنها بدأت بلعبها من باب الفضول، بسبب الحديث المستمر عنها على موقع "تويتر"، وعندما وجدت متعة في لعبها وشعرت بأنها في عالم خيالي بعيد عن الواقع بكل زحامه، أصبحت تلعبها باستمرار وتلازمها في كل زمان ومكان.

فيما يلعب الشاب سمير (23 عامًا)، لعبة الـ"PUBG" بسبب شعوره بأنه في ساحة الحرب، وبأنه يخوض الحرب بجانب المقاومة عند تحرير فلسطين من الاحتلال.

الـ"PUBG" والأطفال

عندما تدخل غرفة الطفل عبدالله ( 10 سنوات) وتراه يطلب من أخاه (28 عاما)  أن " يقتله، يحذر منه، ينقذه، ويخبره بأن العدو خلفة ويطلب منه الهرب"، فسوف يذهلك المشهد من الوهلة الأولى، ويصبح لديك رغبة في معرفة مدى الانجذاب بين الأخوين وفضول في فك الشيفرات التي يتحدثون بها.

ففي حديث مع والد الطفل عبدالله، يقول إنه لاحظ على ابنه إنه لا يأكل ولا يدرس ولا يخرج من حدود إطار غرفته، وأيضا لا يقابل ذويه من الأصدقاء، بحيث ظهرت معالم القلق على وجهه وهو يخبرنا بالمأساة التي حلت على ابنه، فقد استكفى بأصدقاء لعبة الـ"PUBG" الذين يكبروه بسنين ومن خارج حدود دولته.

وأضاف أن اللعبة أدت إلى تراجع مستوى تحصيل ابنه الدراسي وفقد الاهتمام بالهوايات السابقة له، وتمنى لو أن اللعبة تغلق نهائيًا، لأنه لا يستطيع السيطرة على ابنه في منعه من لعبها.

وأشار إلى أنه لا يرفض اللعب على الانترنت لأبنائه، ولكنه يرغب بأن تكون في حدود المعقول و تبادل منافع الشعوب الأخرى وليس تبادل الشتائم المختلفة.

ويرى والد الطفل أن اللعبة على الرغم من أنها افتراضية، إلا أنها استحوذت على عقول أبنائه وأبناء الشعب الفلسطيني ككل، وخلقت فجوة كبيرة في البيت بشكل خاص وبالمجتمع بشكل عام.

الـ"PUBG" في علم النفس

وفي حديث مع الأخصائية النفسية صبا بشبش، عن سبب إقبال الشباب على لعبة الـ"PUBG"، قالت إن الشباب يلجؤون عادةً لمثل هذه الألعاب كنوع من الترفيه والتسلية، ولكن ما يعايشونه من الفترة الراهنة من تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة، جعل هذه الألعاب وسيلة للهرب من ضغوطات وصعوبات الواقع، لاسيما لعبة "PUBG".

ونوهت إلى دور الـ"PUBG" في التأثير على الشباب، فمثل هذه الألعاب أصبحت تشكل الجزء الأكبر من المهام اليومية لديهم، والتي أدت إلى عزلتهم الاجتماعية عن أفراد عائلتهم وأقاربهم، وقد يؤدي ذلك إلي الوحدة النفسية لديهم والشعور بالقلق عند غيابهم عن اللعبة والاكتئاب على المدى البعيد.

وختمت بشبش حديثها بالإشارة إلى بعض الآثار الإيجابية من اللعبة، منها الترفيه عن الأشخاص ومحاولة لإشغالهم عن المشاكل التي يمرون بها، إذا تم استخدامها بشكل غير مفرط، مضيفةً " فمثل هذه الألعاب قد تكون سلاح ذو حدين، على الأشخاص الانتباه له وإدراك عواقب استخدامهم لها".

الـ"PUBG" والطلاق

تسببت لعبة الـ"PUBG" بمشاكل اجتماعية كبيرة وبتنا نسمع عن حالات طلاق في دول مختلفة بسبب آثار هذه اللعبة على الأزواج، منها حالات التعصب غير المبرر والانشغال الدائم وعدم تحمل مسؤولية البيت، ونوبات الصرع المستمرة والإحباط والاكتئاب عند تكرار الفشل أكثر من مرة أثناء ممارستها.

فيما كانت لعبة الـ"PUPG" الإلكترونية سبب في وقوع أول حالة طلاق من هذا النوع في العراق، بحيث طلبت إحدى الزوجات الطلاق، نتيجة انشغال الزوج الدائم باللعبة ونسيان مسؤوليات الأسرة.

المصدر : الوطنية - آية العمريطي