كانت فكرة "العمل عن بعد" حلماً بالنسبة للشاب منذر عجور (26 عامًا) الذي وجد في هذه الفرصة ملاذاً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الشباب في قطاع غزة، وهم ينتظرون بفارغ الصبر الحصول على فرصة تُمكنهم من تغيير واقعهم الصعب.

"منذر" واحدٌ من مئات الشباب الذين دفعتهم البطالة وعدم تكافئ فرص العمل للبحث عن شيء جديد يستطيعون من خلاله تغيير واقعهم للأفضل، لكن المشكلة كانت بتوفير مساحة يستطيع من خلالها العمل دون التنغيص عليه بمشكلة الكهرباء والانترنت.

فرصة جديدة

عجور انتهز فرصة "العمل الجديد" ولجأ لإحدى شركات العمل الصغيرة بمدينة غزة، لتوفير الوقت والجهد على نفسه، وعن بداية لجوئه لهذا المكان قال:" أعمل في مجال تصميم الجرافيك وبرمجة المواقع، وهذا العمل تحديداً يحتاج إلى كهرباء متواصلة 24 ساعة ومن الصعب عليّ توفيرها، لذا لجأت لهذا المكان".

وأضاف عجور الذي وجد من شركة "خدمة"- إحدى الشركات التي توفر مساحات عمل للشباب في غزة- : "من خلال عملي عن بعد استطعت إدارة شركة خاصة مع شخص سعودي،  كنت أعمل في المنزل، لكن الظروف لم تعد مهيأة للعمل، فالمهام تزداد يومًا بعد يوم، وأحتاج لبيئة عمل مناسبة توفر لي جميع الخدمات التي تمكنني من التواصل مع أصحاب العمل والزبائن بشكل متواصل".

وتابع: "هذه الشركات توفر مكاتب مهيأة للعمل عن بعد، وبيئة مناسبة ومريحة تشمل جميع المتطلبات اللازمة لإنجاز المهام والأعمال بالشكل المطلوب، ولقد حققت الكثير من خلالها".

توفير المال

الفكرة ذاتها هي من دفعت الشاب محيي الدين عطا الله (28 عامًا)، إلى البحث عن مكان مناسب يستطيع من خلاله إنجاز عمله وبسعر مقبول، وعن هذه الفكرة قال عطا الله :" ما دفعني للجوء لهذا المكان هو التقليل من تكلفة استئجار شقة بأكملها، فالأسعار مناسبة مقابل الخدمات المقدمة".

وتابع قوله:" أعمل ضمن فريق مكون من ثلاثة أشخاص، هذا المكان ساعدني لإيجاد مساحة مناسبة لهم وفي نفس الوقت أستطيع متابعتهم بدلاً من استئجار شقة سكنية كبيرة، وما يشمل ذلك من مصاريف تشغيلية وكهرباء ومياه وغيرها من الخدمات".

وأضاف: "وجود بيئة مناسبة ومهيأة للعمل أمر ضروري جداً ويساعد على أن تكون مخرجات العمل بأفضل صورها، لذلك لجأنا إلى هذه الشركة لما تقدمه من ميزات على أعلى مستوى من خدمات إنترنت وكهرباء وضيافة وبيئة عمل هادئة وكل ما يتعلق بك وبزوارك".

"شركة خدمة"

يلجأ معظم شباب قطاع غزة إلى العمل بشكل مستقل (FreeLancer)، في ظل انعدام فرص العمل، إلا أن عملهم في منازلهم أصبح مستحيلاً مع انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وهذا ما جعل الشاب حسن رضوان (29 عامًا) يبحث عن حل لهؤلاء الشباب من خلال مشروع يستفيد منه مادياً.

رضوان الذي اختار اسم "خدمة" للشركة التي يعمل بها، يقوم بتوفير مكاتب ومساحات عمل مشتركة، مجهزة بكافة الاحتياجات واللوازم بما يتيح عملاً مستمرًا وبيئة عمل مريحة ومناسبة للرياديين وأصحاب العمل المستقل.

وقال رضوان لـ "الوطنية" عن فكرة المشروع: "بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في البلد، لجأ الكثير من الشباب لفكرة العمل عن بعد، وهي فرصة مناسبة لهم خاصة في ظل انعدام فرص العمل لآلاف الخريجين في القطاع ولجوء عدد كبير منهم إلى الهجرة بحثًا عن فرص عمل مناسبة".

وأضاف رضوان: "الكثير من هؤلاء الشباب يبحثون عن أماكن تُقَدَّم فيها خدمات للشباب وبسعر مناسب تتوافر فيها الكهرباء وإنترنت سريع ومكيفات، نظرًا لعدم توافرها في المنازل بشكل مستمر".

وتابع: "من هنا جاءت فكرة المشروع بإيجاد حل لهؤلاء الشباب وذلك من خلال مكاتب خاصة توفر جهاز طاقة عالية وخدمة إنترنت فائقة السرعة وخدمات الضيافة مع توفير الخدمات التي يحتاجها العاملون في المكان بشكل متواصل دون انقطاع".

وتساهم "خدمة" في تقديم خدمات أخرى مثل: التشبيك والعلاقات الخارجية، وتنفذ مشاريع تكنولوجيا المعلومات، وتوفير استشارات وورش دورية من قبل مختصين، إضافة إلى أنها تمتلك قاعة اجتماعات وقاعة تدريب مجهزة، وفق رضوان.

تطوير العمل

وأفاد رضوان أن هذه المكاتب مفيدة كذلك في توفير بيئة عمل مناسبة يستطيع من خلالها الشباب تبادل خبرات، مشيرًا إلى أن هناك تخصصات متعددة يمكن العمل فيها عن بعد مثل  (هندسة الحاسوب، والبرمجة، والديكور، والتصوير، وإدارة السوشيال ميديا، والمواقع الإلكترونية).

وعن خططه المستقبلية، يطمح رضوان إلى تطوير خدمات الشركة أكثر لتكون قادرة على توظيف مزيد من الشباب الفلسطيني في غزة وربطه مع شركات الأعمال في الخارج، وتوسيع عمل الشركة بافتتاح مرافق إضافية في مدن جديدة في القطاع.

كما يسعى من خلال شركته إلى تعريف العالم بمبدعي غزة في المجالات المختلفة، عن طريق ربطهم ببرامج العمل الحر مع الشركات والريادين في الخارج.

ونوّه إلى أن أسعار هذه المكاتب رمزية تتناسب مع ظروف وقدرات الشباب، ويمكن استخدام المكتب طوال فترة الدوام من الساعة 8 صباحًا وحتى الساعة 10 ليلًا، مشيرًا إلى أنه يمكن استخدام المكتب بشكل يومي أو شهري مع الاستفادة من جميع الخدمات المتاحة.

 

المصدر : الوطنية - إسراء شحادة