رأت مجموعة من المنظمات الحقوقية الدولية، أن استخدام إسرائيل لعدة أنواع من الأسلحة تجاه المدنيين في قطاع غزة لا يشكلون خطرًا حقيقيًا على حياة أحد، يتناقض مع قواعد استخدام القوة في فض التظاهرات.

جاء ذلك، في بيان مشترك وقع عليه عدد من المنظمات الدولية، حيث تلاه مدير مكتب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في غزة مها الحسيني بمؤتمر صحفي عقد اليوم الثلاثاء في غزة، حول استخدام الرصاص المتفجر من قبل قوات الجيش الإسرائيلي وسياسة القوة المفرطة تجاه المتظاهرين على حدود قطاع غزة.

وأضاف البيان أن إسرائيل باستخدامها للأسلحة خالفت البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، والذي حظر استخدام الأسلحة والقذائف والمواد ووسائل القتال التي من شأنها إحداث إصابات أو آلام لا مبرر لها، والمادة (32) من اتفاقية جنيف الرابعة، التي حظرت على دولة الاحتلال "جميع التدابير التي من شأنها أن تسبب معاناة بدنية أو إبادة للأشخاص المحميين الموجودين تحت سلطتها".

واعتبرت المادة 147 من الاتفاقية أن تعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو بالصحة، يمثل مخالفة جسيمة للاتفاقية.

وطالب بتحرك دولي عاجل لوقف العقاب الجماعي بحق غزة وحماية المتظاهرين، لافتاً إلى أن السلوك العام للمتظاهرين على حدود غزة بالسلمية ولم يشكل المتظاهرون، بما في ذلك أولئك الذين تم استهدافهم من قبل قوات الجيش الإسرائيلي، أي خطر حقيقي يستدعي قتلهم أو التعامل بالقوة المفرطة معهم.

وبحسب ما جاء في البيان، فإن المنظمات تفهم أن هناك حالات جرى فيها إلقاء الحجارة على الجنود الإسرائيليين، أو محاولة النفاذ من الجدار الحدودي مع إسرائيل، أو استخدام القنابل الحارقة (قنابل المولوتوف البدائية) في حالات محدودة.

وأضاف البيان:" أن تلك الحالات كانت محدودة إلى حد بعيد، بالنظر إلى المجموع العام للمتظاهرين الذي قدرت أعدادهم يوم 14 مايو/أيار بأكثر من 30 ألفاً. وحتى في تلك الحالات، وبالنظر إلى المسافة التي تفصل الجنود الإسرائيليين عن مجمل المتظاهرين".

وتابع:" لم يشكل المتظاهرون خطرا يستوجب قتلهم، ولم يقل أحد، بما في ذلك قادة إسرائيل أنفسهم، أن المتظاهرين شكلوا خطرا محدقا أو أن أحدا منهم استخدم أو حمل أسلحة نارية، ما يجعل من التعامل الإسرائيلي معهم، وسقوط هذا العدد الضخم من القتلى والمصابين، موسوما بالتعسف، ويعد استخداما مفرطا للقوة".

وأوضح البيان أن طبيعة الإصابات التي وقعت في صفوف المتظاهرين، في العديد من الحالات، بدا أن القصد منها يتجاوز غاية منع الشخص من التقدم باتجاه الحدود، فهي لا تتوقف عند منع المتظاهرين من التقدم باتجاه الحدود أو تحذيرهم أو ردع خطر ما، بل تتجاوز ذلك إلى قصد الإيذاء المباشر وطويل الأمد للشخص المستهدف.

ولاحظت المنظمات في السياق ذاته، استخدام إسرائيل للرصاص المتفجر، الذي يحدث آلاما مضاعفة لا مبرر لها، وبحسب الأطباء، فإن معظم الإصابات لمن سقطوا قتلى كانت في الصدر والرأس والرقبة، فيما إن معظم الإصابات السفلية التي وصلت إلى مستشفيات قطاع غزة كانت في منطقة خلف الركبة، والتي تعد من أخطر الاصابات وأكثرها حساسية، كونها تؤدي إلى تهتك الشرايين والأعصاب وتفتت العظم، كما أن معظم الإصابات التي تعامل معها الأطباء كانت ذات مدخل صغير ومخرج كبير، نتيجة تفجر الرصاصة داخل الجسم، ما يؤدي إلى بتر قدم المصاب.

كما أن الغاز المستخدم لتفريق المتظاهرين، احتوى على مواد كانت تسبب رجفات طويلة للمصابين، وتوتراً وصراخاً من الألم والضيق وحتى الإغماء مع الرجفة التي تستمر طويلا أو على الأقل لساعات. وهي تثير مخاوف من أن تؤدي إلى التهابات مزمنة في الرئتين وتشنجات مزمنة في العضلات والأعصاب.

وتلحظ المنظمات كذلك، أن قادة إسرائيل، لا زالوا يصرون على دعم عمليات الجيش على حدود غزة ويرفضون فتح تحقيق في الأحداث. وكان وزير الجيش الاسرائيلي "افيغدور ليبرمان" قال في مقابلة مع إذاعة في الأول من ابريل الماضي إنه لن يجرى أي تحقيق لممارسات إسرائيل على الحدود. كما إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، اللواء غادي إيزنكوت، كان قال إن "الأوامر هي استخدام الكثير من القوة. إن هذه التصريحات والأوامر، فضلاً عن أنها تمثل ضوء أخضر للجنود للاستمرار في استخدام القوة القاتلة تجاه المتظاهرين غير المسلحين، فهي تجعل من القادة الإسرائيليين، الذين لم يكفوا عن التحريض بحق الفلسطينيين المتظاهرين منذ بدء الدعوات لهذه التظاهرات، مسؤولين بشكل مباشر عن هذه الجرائم.

وشدد البيان على أن الاحتلال الإسرائيلي مطالب باحترام حق المتظاهرين في قطاع غزة بالاحتجاج السلمي، وعلى القادة الإسرائيليين أن يلجموا القوات عن استخدام القوة في التعامل مع المحتجين السلميين.

كما أكدت المنظمات الأهلية أن الاحتلال مطالب بفتح تحقيق فعال وجدي في حالات الاستخدام المفرط للقوة تجاه المتظاهرين في قطاع غزة، واستخدام أسلحة تحدث آلاما لا مبرر لها، وتقديم المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم للعدالة.

كما تشير إلى اختصاص محاكم الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، وفق مبدأ الاختصاص العالمي، في النظر في الجرائم المذكورة، فضلا عن اختصاص محكمة الجنايات الدولية.

وشددت المنظمات الدولية على قيام المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل بشكل فاعل، لإنهاء حصارها لقطاع غزة بشكل فوري، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية، باعتباره يشكل أساسا لاستمرار النزاع وتصاعد العنف في المنطقة.

ووقع على البيان عدد من المنظمات الدولية، منها فضلًا عن المرصد الأورومتوسطي، الاتحاد الدولي للحقوقيين، مركز جنيف الدولي للعدالة، منظمة صحافيون من أجل حقوق الإنسان، منظمة De-Colonizer في إسرائيل، والمنظمة الدولية للقضاء على كافة اشكال التمييز العنصري. بالإضافة إلى منظمات محلية في عدة دول، منها مركز القانون الدولي الإنساني - ليبيا، ومنظمة سام للحقوق والحريات - جنيف، والمركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب، وجمعية معهد تضامن النساء الأردني.

المصدر : الوطنية