أنهى مركز مسارات مساء  السبت مؤتمره السنوي في دورته السابعة "نحو خطة نهوض وطني لمواجهة المخاطر بالقضية الفلسطينية"، خلال يومين بحضور مئات الشخصيات السياسية والأكاديمية والشباب ونشطاء المجتمع المدني وبمشاركة 40 متحدثًا، في مدينتي البيرة وغزة.

وناقش المشاركون في المؤتمر المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية، والسياسات المطلوبة لمواجهتها، على مستوى القدس والاستيطان وقضية اللاجئين، ومتطلبات بناء مقومات الصمود والنهوض الوطني على المستوى الاقتصادي، ودور المجتمع الدولي في تمكين الفلسطينيين من نيل حقوقه، إضافة إلى دور الفلسطينيين في أراضي 48 في خطة النهوض الوطني، وسيناريوهات مستقبل قطاع غزة، والقضية الفلسطينية في بيئة إقليمية متغيرة.

وقال رئيس مجلس أمناء مركز مسارات ممدوح العكر، إن أميركا انتقلت من موقع المساند والحليف والحامي والمحامي لإسرائيل إلى موقع رأس الحربة في هذه الهجمة التي تستهدف القضية الفلسطينية.

وأوضح خلال الافتتاح، أن مكونات برنامج عمل المسار البديل أصبحت واضحة المعالم، والمهم الالتزام الفعلي بها، وتشمل هذه المكونات: المقاومة الشعبية ضد الاستيطان والمستوطنين وجيش الاحتلال، لتصبح هذه المقاومة نمط حياة على الصعيد الرسمي قبل الشعبي، ودعم حركة مقاطعة إسرائيل، و الجدية في متابعة الجرائم الإسرائيلية لدى محكمة الجنايات الدولية، واتباع خطوات مدروسة وتدريجية للخروج من بروتوكول باريس الاقتصادي، والعمل السياسي والديبلوماسي على مختلف المستويات.

بدوره، قال مدير عام مركز مسارات هاني المصري، إن المؤتمر جاء للبحث عن طريق يخرجنا من المأزق الشامل الذي نعيش فيه، مع استمرار الضعف والانقسام والتوهان، وإعادة إنتاج إستراتيجيات أكل عليها الدهر وشرب، وتساهم في تعميق الاحتلال والاستيطان والجدران وحصار غزة وتعذيب أهلها وتهميش القضية.

وأكد على ضرورة وضع الخطط العملية الملموسة التي تحقق في كل مرحلة أقصى ما يمكن تحقيقه، تمهيدًا للانتقال إلى مرحلة أخرى، متابعًا "وهذا إلى أن يتحقق الانتصار الكبير، ولا بد أن تجيب الرؤية الشاملة عن أسئلة من نوع: أين نقف الآن، وإلى أين نريد أن نصل، وكيف نحقق ما نريد؟".

وناقشت الجلسة الأولى "القضية الفلسطينية .. المخاطر والسياسات المطلوبة"، من خلال عدد من الباحثين والمشاركين، حيث أدار الجلسة عضو مجلس أمناء مسارات سلطان ياسين، ومدير مكتب مسارات في غزة صلاح عبد العاطي.

وقال رئيس الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية "باسيا" مهدي عبد الهادي، إنه وبعد مرور سبعين عامًا على النكبة الفلسطينية لا يزال قرار التقسيم 181 عام 1947 ينتظر التنفيذ والتطبيق حتى الآن، وخاصة في وضع مدينة القدس في حدودها الجغرافية وحالتها الديمغرافية بتاريخ انتهاء الانتداب البريطاني تحت الوصاية الدولية في كيان دولي خاص منفصل ومحايد ومنزوع السلاح.

وأوضح أنه بعد خمسين عامًا على الاحتلال الإسرائيلي لكامل التراب الوطني الفلسطيني لا تزال إجراءات الضم الرسمي والفعلي الإسرائيلي لمدينة القدس وتوظيفها وإعلانها "العاصمة الكاملة والموحدة" مستمرة دونما رادع أو احترام لقرار مجلس الأمن الدولي 242.

بدوره، تناول الباحث الاقتصادي مازن العجلة، الاقتصاد الوطني ومتطلبات بناء مقومات الصمود والنهوض الوطني، مشيرًا إلى أن التطور السلبي والخطير في مجمل البيئة السياسية الفلسطينية التي تشكلت متأثرة بالتغيرات المحلية والإقليمية، من الضروري أن يكون حافزًا قويًا لوقف التدهور في الحالة السياسية، بالبحث عن سُبل جديدة وخيارات أكثر ملائمة تعتمد على ما يتوفر من إمكانات يختزنها الشعب الفلسطيني، للخروج من حالة التأقلم مع الهجوم الاستعماري الإسرائيلي الى حالة من النهوض تضع حدًا للهيمنة والاندفاع الإسرائيلي.

وتابع "إن هذا النموذج بما خلقه من تشوهات في الهيكل الإنتاجي والمالي أصبح مصدرًا لتغذية الارتهان والتبعية، ولم تستطع السلطة رغم أنها بذلت جهودًا مستمرة للتخلص منه، أو حتى لتحسين تطبيق باريس الاقتصادي، إلا أنها فشلت أو أفشلها التعنت الإسرائيلي".

أما الجلسة الثانية التي تناولت "المجتمع الدولي وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه" والتي أدارها  عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة الخليل معتز قفيشة، والمفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عصام يونس.

وفي كلمة لرئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات ناصر القدوة، أكد على أهمية الجانب المتعلق بالإجماع الوطني والهوية الوطنية، والعمل على إنجاز الاستقلال الوطني باعتباره جوهر البرنامج الوطني الموحد.

وشدد على عدم الخلط ما بين الانضمام إلى عضوية المنظمات الدولية المتخصصة التي تحتاج إلى تصويت، على اعتبار كل تصويت يعزز المركز القانون لدولة فلسطين، وبين الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تلقي علينا مسؤوليات في أغلب الأحيان نحن لا نستطيع القيام بها.

وقال إن استقالته من اللجنة المركزية لحركة فتح لا رجعة عنها، ونفى ما نسب إليه من تصريحات في بعض الصحف خلال اليومين الماضيين، مشيرًا إلى أن موقفه من الاستقالة واضح ومكتوب في سطر ونصف ويبقى ملزمًا له.

وأشاد بالمواقف الإيجابية التي عبرت عنها تصريحات بعض أعضاء اللجنة المركزية على خلفية استقالته، رغم أنها لا تغير  شيئًا في جوهر موقفه، مؤكدًا أنه ملتزم بالاستقالة التي سوف تبحثها الهيئات القيادية لحركة فتح، وأنه لا يزال ينتمي إلى هذه الحركة العظيمة، ويكن لها الاحترام، كما يعتز بهذا الانتماء.

كما وناقشت الجلسة الثالثة "تفعيل عناصر القوة الوطنية والشعبية الكامنة" والتي أدارها الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب، ومديرة مركز الإعلام المجتمعي عندليب عدوان، حيث شارك بها عدد من الباحثين الذين أكدوا ضرورة القيام بدور سياسي ملموس، وتنظيم الفلسطينيين في أحزاب وحركات ولجان شعبية ومنظمات أهلية، وبناء هيئات وطنية عامة تشكل قيادة وطنية.

وتناولت الجلسة الرابعة "متطلبات تحول المسار الإستراتيجي" التي أدارها كل من رئيس مجلس إدارة مركز مسارات سعد عبد الهادي، والمحلل السياسي محمد حجازي، وصولًا إلى الجلسة الأخيرة التي تناولت "محاور خطة نهوض وطني"، استنادًا إلى مجمل الأوراق الصادرة ضمن برامج "مسارات"، وكذلك الأوراق المقدمة للنقاش خلال جلسات المؤتمر.

وتحدث فيها كل من رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل محمد بركة، والقيادي في حركة حماس غازي حمد، وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية كايد الغول، ونائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية قيس عبد الكريم.

وقال القيادي في حركة حماس غازي حمد، إن لدينا معضلة فكرية بعدم الاعتراف بالفشل، ورفضنا لعدم التجديد إلى ما هو أفضل، فهناك كم هائل من التضحيات الفلسطينية التي لا تحصى، ولكن النتائج التي نصل إليها كارثية.

 وأعتبر أن من أسباب تعثر طريق النهوض بالمشروع الوطني الفلسطيني عدم وجود رؤية سياسية ووطنية واضحة، وعدم وجود إجماع وطني.

بدوره، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية كايد الغول، إن هناك خطابان مختلفان، واحد رسمي وآخر شعبي، الأمر الذي يستوجب بناء برامج وطنية مختلفة رافضة للاحتلال، متابعًا "أننا أمام تحولات تستدعي إعادة النظر في الدعوة إلى النأي بالسياسات الفلسطينية عن أي دور في السياسات الإقليمية".

 

المصدر : الوطنية