شدد رئيس حركة "حماس" في قطاع غزة يحيى السنوار اليوم الخميس على سلمية واستمرارية مسيرات العودة وكسر الحصار في قطاع غزة، مؤكدًا في الوقت ذاته أن السلك الفاصل للقطاع مع الأراضي المحتلة عام 1948 "ليس حدودًا معترف بها".

وقال السنوار في لقاء خاص مع الصحفيين الأجانب بمكتبه في مدينة غزة إن: شعبنا الفلسطيني يرغب باستعادة حقوقه وأن يحل مشاكله بالطرق السلمية، وإن اضطرنا هذا للمقاومة المسلحة التي يضمنها القانون الدولي لنا.

وذكر أن مسيرة العودة كغيرها من الانتفاضة الفلسطينية السابقة "ستتواصل وستستمر، وليست مسقوفة بوقت محدد، لافتًا إلى أن الوضع الذي أوصله الحصار الإسرائيلي بالحياة الإنسانية للمواطنين في غزة وصل إلى مستوى صعب، لا يستطيع أن يصبر عليه شعبنا أكثر من ذلك.

وأكد أن حالة الوعي الجمعي التي يتمتع بها شعبنا دفعته للخروج بالمسيرات السلمية (كبارًا وصغارًا ونساءً)، للمطالبة بكسر الحصار وتثبيت حقه بالعودة وليعيد القضية على جدول الأعمال العالمي، وذلك رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها.

وشدد السنوار على أن شعبنا قوي ولا يمكن أن يتنازل أو يتراجع عن حقوقه، لافتًا إلى أن شعبنا يُحب الحياة والسلام والاستقرار، "ويجب العمل على رفع الظلم الكبير عنه، فالعالم للأسف لا يرى المأساة الواقعة علينا".

وأضاف حول توقعات مجريات الأمور في 14 مايو: لا أحد يستطيع أن يتصور ما هو الذي سيكون بالضبط، ولكن نستطيع أن نضمن شيئًا واحدً وهو أن هذا الحراك سلمي"، مشددًا على أن جماهير شعبنا المنتفضة لا تشكل خطرًا على أي شخص.

وأضاف: لا أتوقع أن أي أحد يمكن أن يقبل بهذه الحالة في القطاع، فجماهير شعبنا خرجت لتدق جدار هذا السجن بقوة.

تهجير واضطهاد

وأشار السنوار إلى أن شعبنا الفلسطيني وقع عليه ظلم كبير، حيث تعرض قبل 70 عامًا لهجرة قرابة مليون فلسطيني من أراضيهم وتوزعوا في شتات الأرض دون أن يتوفر لهم حياة كريمة.

وبين أن تواصل مسيرة العودة يتزامن مع ذكرى النكبة السبعين ومع أحداث ترتبط ارتباطًا كبيرًا بعواطف الشعوب ومع قرار الإدارة الأمريكية نقل سفارتها إلى القدس المحتلة.

ولفت إلى أنه في الوقت الذي يعيش فيه شعبنا هذه المعاناة يتنكر الاحتلال الإسرائيلي لكل حقوق شعبنا ويمارس أفعاله كدولة فوق القانون.

وأضاف: نحن نأسف بشدة من المنظومة الدولية التي لا تزال غير قادرة على فرض الاستحقاقات الصادرة عنها سابقًا، فحتى اليوم ليس للفلسطينيين دولة معترف بها اعترافاً كاملاً كباقي الدول.

وشدد السنوار على مطالبة شعبنا بحقه بالعودة وتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194 الذي يضمن عودة اللاجئين إلى أراضيهم.

المقاومة حقنا

وأوضح السنوار أن "إسرائيل" تعاملت طيلة السنوات الماضية باستعلاء وتنكر لحقوق شعبنا، مما اضطر شعبنا لانتهاج سبيل الكفاح والمقاومة لنيل حقوقه ووضعها على أرض الواقع.

وذكر أننا كشعب هجّر من أرضه ومورس ضده الاستيطان الذي بات يأكل ما تبقى من الأرض، يجعلنا هذا نتمسك بحقنا بالمقاومة التي كفلتها الشرائع السماوية والأرضية والقوانين الدولة.

ودحض السنوار المزاعم التي تتحدث عن توجيه الأموال لبناء القدرات العسكرية، مؤكدًا عدم أخذ "أي قرش" من ضرائب المواطنين أو الأموال التي جاءت لدعم الحياة الإنسانية في بناء تلك القدرات.

وشدد على أن الأموال التي جاءت لبناء القوة العسكرية لكتائب القسام جاءت لهذا الغرض من الأشخاص والجهات المتبرعة، وقال: "بناء هذه القوة هو واجب وطني ولا يمكن أن يرحمنا التاريخ إن قصرنا بذلك".

التجربة الديمقراطية

وأكد أن الحصار الإسرائيلي الظالم على شعبنا الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة والذي فرض بعد إجراءات الانتخابات التشريعية عام 2006 وفازت بها حماس جاء ليعاقب شعبنا على خياراته الحرة والنزيهة.

ولفت إلى أنه لو سمح لشعبنا بممارسة التجربة الديمقراطية دون حصار لكانت الصورة مغايرة بشكل كبير، ولكان الوضع ممتازا، ولكان ذلك له مدلولات على حالة الاستقرار في المنطقة.

وأوضح أن الأمور الإنسانية في القطاع تفاقمت جراء الحصار حتى وصلت إلى حالة لم يستطع فيها شعبنا أن يتحمل المزيد، فتقارير المؤسسات الدولية تشير إلى ذلك، مبينًا أنه ضرب أطنابه بكل مناحي الحياة، حتى بات المواطنون غير قادرين على الحياة حياة إنسانية كريمة.

وأطلع السنوار الصحفيين الأجانب على بعض الأرقام الصعبة التي يعيشها القطاع، كأزمة المياه غير الصالحة للشرب والفقر، والبطالة وانعدام الأمن الغذائي.

ولفت إلى أن الأخطر هو أن الشباب باتوا يفقدون الأمل بالحياة بمعناها الكريم، ومما لا شك فيه أن فقدان ذلك بات قنبلة موقوتة من الممكن أن تنفجر بأي وقت.

الوسائل السلمية

وشدد السنوار على أن حماس وفصائل المقاومة تدرك اختلال موازين القوى مع الاحتلال، والبيئة الاستراتيجية المحيطة، مبينًا أن شعبنا يفضل حل مشكلته بالطرق السلمية ما أمكن.

وقال: لسنا هواة موت، فحماس بدأت حياتها عام 1987 بالوسائل السلمية وما اضطرها إلى المقاومة المسلحة ممارسات الاحتلال ضد المتظاهرين السلميين.

وأضاف: نرغب أن نحل مشاكل قطاع غزة والفلسطينيين بالطرق السلمية، ونحن نريد حقوق شعبنا وإن اضطرنا هذا للمقاومة المسلحة التي يضمنها القانون الدولي لنا.

الانقسام الداخلي

وأوضح السنوار أن الانقسام الداخلي شكل عاملًا مهمًا لسوء الأوضاع وتكريس الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، متطرقًا إلى الخطوات التي قطعتها حماس من أجل تنفيذ المصالحة على الأرض.

وقال إن: هناك قوى كثيرة كانت ضد المصالحة، فتفجير (وكيل وزارة الداخلية) توفيق أبو نعيم كان لتفجيرها إلا أننا تجاوزنا هذه المرحلة، رغم حالة التردد من السلطة وقيادة حركة فتح.

وأضاف: ذات القوى التي حاولت قتل المصالحة بالتفجير الأول، نجحت في التفجير الآخر الذي استهدف (رئيس حكومة الوفاق) رامي الحمد الله بقطاع غزة.

وتابع: ما حدث بعد التفجير والخطاب الإعلامي المرافق، ضيق فرص تحقيق المصالحة، إلا أننا نقول إن الباب لم يغلق، ومقتنعون أن مسيرات العودة ستكون لها مفاعيل لتحقيق الوحدة.

وساطات

وأكد السنوار أنه ليس هناك مفاوضات مباشرة بين حماس مع الاحتلال، مشددًا على أنه ليس هناك حديث عن "هدنة طويلة أو غير طويلة الأمد.

ولفت إلى أن الحالة السائدة منذ 2014 (بعد العدوان الأخير) سارية بشكل جيد.

وأضاف: بالحد الأدنى يمكن لهذا الوضع أن يستمر، ولكن لا يمكن أن نستمر في ظل الحصار والتجويع، واستحقاق الساعة اليوم أنه يجب أن يُكسر الحصار.

كما لفت السنوار إلى أنه لم يتم تلقي عروضا لوقف مسيرة العودة ما قبل الحراك وما بعده، حيث أن من جاء كان يدور الحديث معهم حول المشكلة وأبعادها وما هو المطلوب حتى لا تتدحرج الأمور لصراع كبير.

وشدد على أن مسيرة العودة كغيرها من الانتفاضات الفلسطينية السابقة ستتواصل وستستمر، وليست مسقوفة بوقت محدد حتى تحقق أهدافها.

المجلس الوطني

وحول انعقاد جلسة المجلس الوطني برام الله في 30 أبريل الماضي دون توافق، قال السنوار: نأسف لعقده بصورته الحالية في ظل المخاطر والصعوبات التي تحيط بالقضية، ما يتوجب علينا أن نكون متحدين وشركاء.

وأضاف: نعتقد أن منظمة التحرير إنجاز وطني كبير يجب أن نتمسك فيه بقوة، لكن مشكلتنا ليست معها كإطار جامع بل مع هذه الدورة، التي أعلنا موقفنا منها برفض مخرجاتها وعدما الاعتراف بها.

وبين السنوار إلى أن حماس لن تذهب إلى تشكيلات جديدة لأن هذا ليس في صالح الفلسطينيين، وسنظل متمسكين بعقد مجلس وطني فلسطيني توحيدي وفق مخرجات بيروت بيناير 2017.

الجنود الأسرى

وحول الجنود الإسرائيليين الأسرى في قطاع غزة، أوضح السنوار أنه ليس لهؤلاء فرصة لرؤية شمس الحرية إلا من خلال صفقة مع الاحتلال.

وأضاف: من أجل ذلك حرصنا على أن نحيط هذا الملف بالسرية والغموض في ظل الظروف الأمنية المعقدة، ونحن مضطرون لذلك لأنها قضية إنسانية بالدرجة الأولى.

وشدد على أن أي أسير إسرائيلي لدى المقاومة سيأخذ حقوقه كاملة مع مراعاة الجوانب الأمنية، وقال: إذا أردتم التأكد من ذلك يمكنكم الرجوع إلى الجندي الأسير السابق جلعاد شاليط ومعرفة المعاملة الحسنة التي كان يلاقيها من قبل المقاومة.

العلاقات الدولية

وأوضح السنوار أن حركته وشعبنا معني بعلاقات حسنة مع دول العالم جميعها فمشكلتنا فقط مع الاحتلال الإسرائيلي، مشددًا على أنهم معنيون بتطوير علاقات شعبنا مع الجميع وسيطرقون كل الأبواب لذلك.

وبين أن حماس تدرك أن هناك تناقضات صعبة بين دول المنطقة، لكن ذلك لا يمنعنا من أن نوصل رؤية شعبنا لكسب الدعم لصالح القضية.

وفي خطاب للصحفيين الحاضرين، قال: لا اعتقد أن أحدًا منكم لو تعرض شعبه إلى ما تعرض لن يلجا إلى ما لجأنا إليه، مشددًا على أننا "مقاتلو حرية ولسنا إرهابيين.

وأكد أن محاولة إلصاق تهمة "الإرهاب" بنا هي "ظالمة"، فنحن نحصر صراعنا مع الاحتلال، وليس مع اليهود من ناحية دينية؛ بل الصهاينة الذين يحتلون أرضنا.

وبين السنوار أن إيران دعمت شعبنا بشكل رائع، وكان لها دور كبير في تطوير قدراتنا، ومما لا شك فيه أنه يؤذينا المساس بأي دولة عربية أو إسلامية.

وحول الدخول في أي صراع إلى جانب إيران، شدد السنوار على أن "الذي يحدد سياستنا هو مصلحة شعبنا وقضيتنا وليس شيء آخر".

دعوات للصحفيين

ودعا السنوار الصحفيين إلى تغطية موضوعية لمجريات مسيرة العودة، وقال: نؤمن بالدور الكبير للصحافة في صناعة الأحداث والتأثير على مجريات الأمور بشكل عام، فالصحافة تستطيع أن تفرض وقائع على الأرض بشكل لا يتصوره أحد.

وأضاف: المهم اليوم رسالة شعبنا التي نريد أن توصلوها للعالم في ظل هذه المرحلة الحساسة ولما لها من تأثير على المستقبل القريب". وتابع: "سنخاطب من خلال كاميراتكم وأصواتكم وأقلامكم الضمير والقيم الإنسانية.

وتابع: للأسف الشديد نجد أن بعض وسائل الإعلام تتبنى الرؤية الإسرائيلية بمسيرات العودة دون تمعن بالحقائق ونقلها بحيادية"، داعيًا إياهم لنقل الصورة بموضوعية وفق ما يمليه عليهم الضمير الإنساني.

وأشار إلى أن الصورة تتحدث عن نفسها فلدينا 7 آلاف جريح و50 شهيد، وليس لدى الاحتلال أي جريح، متسائلًا: "ماذا يريد العالم بعد كل هذه السنوات من الحصار والتجويع الممنهج.

وقال: نحن نثق أن كاميراتكم يمكن أن تنقذ حياة الآلاف، ولكيلا تتحول إلى مجازر؛ حيث أن ذلك سيمثل كابحًا كبيرًا لقوات الاحتلال عند استخدام القوة المفرطة الأيام المقبلة.

المصدر : الوطنية