قررت الحكومة في جلستها الأسبوعية اليوم الثلاثاء برام الله، البدء بإعداد الخطط والمشاريع لخطوات فك ارتباط مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المستويات السياسية والإدارية والاقتصادية والأمنية، وفقا للقرارات الأخيرة التي اتخذتها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وقالت إن تلك الخطط تشمل التحرر من قيود اتفاق باريس الاقتصادي، بما يلبي متطلبات النهوض بالاقتصاد الوطني، والتحرر من تبعات الربط القسري مع الاقتصاد الإسرائيلي وإعطاء الأولوية للنهوض بالاقتصاد الوطني ودعم العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة ودول الاتحاد الأوروبي.

وأوضحت أنها قررت تشكيل لجنة من الوزارات المختصة للبدء بإعداد الدراسات والمشاريع والمقترحات للشروع بتلك الخطوات بما في ذلك تشكيل لجنة لدراسة الانتقال من استخدام عملة الشيكل إلى أي عملة أخرى ودراسة إمكانية إصدار عملة وطنية.

وأكد رئيس الحكومة رامي الحمد الله، أن العقبة الرئيسة أمام وجود اقتصاد فلسطيني قوي تتمثل في التوسع الاستيطاني وسيطرة الاحتلال العسكري الإسرائيلي على الأرض بما فيها المناطق المسماة "ج" وفرض القيود على التنمية الفلسطينية في تلك المناطق، حيث دعا رئيس الوزراء الدول المانحة إلى مطالبة إسرائيل بإزالة القيود على الفلسطينيين في هذه المناطق، وليس فقط تخفيفها، بالإضافة إلى دعم مشاريع مهمة سيادية من أجل دعم السيادة الوطنية، وعدم إعاقة تنفيذ مشاريع سيادية مثل إنشاء المطار والميناء وبناء مدن جديدة ومراقبة الحدود في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وشدد على أهمية خروج مؤتمر المانحين بمواقف إيجابية تجاه استمرار دعم بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، ودعم المشاريع التنموية، وخاصة في قطاع غزة، والضغط على إسرائيل لرفع كافة القيود عن الاقتصاد الوطني الفلسطيني، بالتوازي مع مسار سياسي للوصول إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1976 وعاصمتها "القدس الشرقية".

واستعرض الحمد الله أمام المجتمعين أهم الإنجازات لعمل الحكومة، ومنها الإصلاحات في إدارة المال العام، وزيادة الإيرادات، وخفض العجز وديون القطاع الخاص، رغم انخفاض الدعم الخارجي، وهو ما أدى إلى خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.

 كما استعرض أجندة السياسات الوطنية 2017 - 2022 التي أقرتها الحكومة والتي تهدف إلى تقديم خدمات عالية الجودة وحماية الفئات الضعيفة والمهمشة في فلسطين، موضحاً أن الخطة التنموية ترتكز خلال السنوات الخمس القادمة على زيادة الاستثمارات في مجالات البنية التحتية، بما في ذلك بناء شبكات المياه التي تخدم القطاع الزراعي، وتعزيز التواصل من خلال تحسين شبكات النقل والاتصالات، وكذلك تنفيذ استراتيجية الإدماج المالي، وزيادة إمدادات الكهرباء، وإنشاء مدن صناعية جديدة.

وطالب المجتمع الدولي بالمساعدة في تنفيذ العديد من المشاريع الحيوية في غزة، ولا سيما في قطاعات الطاقة والمياه والتعليم، ومنها إمدادات الغاز الطبيعي اللازمة لتطوير قطاع الطاقة في غزة، وإنشاء محطة تحلية المياه، بالإضافة إلى بناء مئة مدرسة جديدة في قطاع غزة.

فيما أكد أن مهمة حكومة الوفاق الوطني هي إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية واستكمال عملية إعادة الإعمار نتيجة العدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة، وهو ما يستوجب تمكين حكومة الوفاق الوطني تمكيناً شاملاً في كافة المجالات، وإزالة كافة المعوقات التي تحول دون أداء مهامها في قطاع غزة.

واستعرض وزير المالية والتخطيط أمام المجلس المبادئ الرئيسة للموازنة العامة للسنة المالية 2018، مشيراً إلى أن سياسة الموازنة تعتبر امتداداً واستكمالاً لما تم تبنيه منذ العام 2014، والهادفة بشكل أساسي إلى تخفيض العبء الضريبي للأفراد، خاصة ذوي الدخل المتدني، وتحفيز نمو وثبات الشركات الناشئة والصغيرة، وعلى تحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية في تطبيق السياسات الضريبية، مع الأخذ بعين الاعتبار التباين في الدخل الفردي والوضع الاقتصادي بين المحافظات الشمالية والجنوبية.

كما أوضح أن الموازنة تتبنى إجراءات ضريبية تحفيزية جديدة تهدف إلى توظيف واستيعاب الخريجين، وعلى تحفيز البنوك والمؤسسات المالية لتوظيف حصة أكبر من نشاطاتها لتوجيه التمويل لصالح الشركات الصغرى والناشئة.

وأكد أنه بتنفيذ موازنة 2018 تصبح المنظومة الضرائبية الفلسطينية من الأكثر تقدماً وتحفيزاً بالمقارنة مع دول الجوار، مشيراً إلى أن تقوية المركز المالي للسلطة الوطنية هو شرط مسبق يحكم كل ما سيتم العمل به في العام 2018، لكي تتمكن السلطة الوطنية من الوفاء بالالتزامات المالية الإضافية.

واعتبر أن تحقيق المصالحة يمثل فرصة وعاملاً مساعداً للمضي قدماً بالإسراع في تنفيذ الإصلاح المالي والتغلب على مقاومة التغيير، وإتاحة المجال لتبني إقامة مشاريع تنموية جديدة في قطاع غزة كمشاريع البنية التحتية، والكهرباء، والمياه، بالإضافة إلى توحيد الطاقات والموارد، وترشيد النفقات والخروج من الأعباء المالية غير المبررة التي تراكمت عبر السنوات، كما قال.

وشدد على ضرورة أن تكون السياسات المالية قابلة للديمومة، وتتجنب اللجوء إلى الزيادة في المديونية والاقتراض إلّا في الحالات القصوى وعند ضمان قدرة السلطة الوطنية على سدادها، بالإضافة إلى الاستمرار في سياسة تسديد المتأخرات، وعدم تمويل العجز بشكل غير مباشر عن طريق تراكم المتأخرات كجزء أساسي من سياسة موازنة 2018.

كما أشار وزير المالية والتخطيط إلى الاستمرار في تقوية المركز المالي لهيئة التقاعد الفلسطينية، وبذل كل الجهود لتنمية وتطوير المقدرة الذاتية لتقليل الاعتماد على الدعم المالي الخارجي.

وقررت الحكومة إقرار مشروع قانون  الموازنة للعام 2018، في قراءتها الثانية، على أن يتم إقرارها بشكل نهائي بعد مناقشتها والتوافق بشأنها مع الكتل البرلمانية في المجلس التشريعي الفلسطيني، تمهيداً لإحالتها إلى الرئيس لإصدارها قراراً بقانون.

وفي سياق أخر، عبرت الحكومة عن رفضها وإدانتها لقرار وزارة المالية الأمريكية بإدراج رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على قائمة الاٍرهاب، معتبرةً أن هذا القرار يوفر لإسرائيل غطاءً لاستمرار جرائهما بحق أبناء شعبنا وقيادته، في الوقت الذي تصمت فيه الإدارة الأمريكية عن إرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين بتعليمات رسمية وتشجيع من الحكومة الإسرائيلية.

وأدانت الاقتحامات اليومية لجيش الاحتلال، واستباحته للمدن والقرى والمخيمات، والتي كان آخرها الحملة الوحشية التي طالت جنين وبلداتها ومخيمها الصامد، والتي أقدمت خلالها على هدم البيوت واعتقال العشرات، وإصابة العديد من أبناء شعبنا، الأمر الذي يتطلب سرعة توفير الحماية الدولية أمام هذه الجرائم، وقيام المجتمع الدولي بمحاسبة ومحاكمة الاحتلال على هذه الجرائم المستمرة ضد أبناء شعبنا.

المصدر : الوطنية