دعا رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، الحكومة الإسرائيلية إلى التعاون في حل أزمات الكهرباء والمياه في قطاع غزة، مطالباً إياها برفع الحصار عن القطاع فورا، حيث لم يتمكن 70٪ من أهله من السفر إلى خارج البلاد خلال السنوات الإحدى عشرة الماضية.

جاء ذلك خلال كلمته في الاجتماع الاستثنائي للجنة المانحين الدولية، اليوم الأربعاء في العاصمة البلجيكية بروكسل، بحضور وزيرة خارجية مملكة النرويج رئيسة لجنة المانحين الدولية اين ماري اريكسن، والمفوضة العليا للاتحاد الاوروبي فيدريكا موغريني، ووزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، وعدد من وزراء خارجية دول العالم وممثلي المؤسسات الدولية.

وقال الحمد الله:" يأتي عقد هذا الاجتماع الاستثنائي للجنة المانحين في منعطف حاسم، حيث تتلقى آفاق تحقيق حل الدولتين ضربة أخرى، وهذه المرة من راعي رئيسي لعملية السلام في الشرق الأوسط، وهذا يضاف إلى الضربات الحادة الناجمة المتمثلة في استمرار التوسع الاستيطاني الإسرائيلي غير الشرعي والبناء الاستيطاني على أرضنا الفلسطينية".

وأضاف أن هناك حاجة ماسة إلى حشد الدعم الدولي لإحياء عملية السلام المتوقفة منذ فترة طويلة، وذلك على أساس احترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال. "وأعتقد جازما أن اجتماعنا اليوم يمكن أن يسهم في رسم مسار عملي للسلام وأن ينقل إشارات مفعمة بالأمل والتفاؤل".

وتابع: "أنتم تعرفون بالإعلان الأخير بخصوص القدس من قبل الرئيس الأمريكي، وقراره بتخفيض المساعدات المالية للأونروا، وهي الوكالة التي أنشأتها الأمم المتحدة في عام 1949 لخدمة اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى. وتحتاج هذه الإجراءات إلى بيان سياسي وموقف صريح من جانب لجنة المانحين الدولية تحث فيه الرئيس الأمريكي على إلغاء هذه الخطوات. أولا، لأن هذا الإعلان بخصوص القدس يغير قاعدة أساسية لعملية السلام".

وأوضح أن لجنة المانحين الدولية هي جزءا لا يتجزأ منه، وثانيا، لأن حجب المساعدات عن اللاجئين الفلسطينيين سيؤدي إلى مصاعب سيتعين على بقية العالم التعامل معها، وفي وقت فان أهداف عملية السلام لا تزال بعيدة المنال بسبب التعنت الإسرائيلي".

وأشار إلى أن الرئيس محمود عباس اجتمع يوم الإثنين الماضي الموافق 22 يناير، مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي هنا في بروكسل، حيث دعا دول الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف بدولة فلسطين على حدود حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

 وأكد رئيس الوزراء  أن اجتماع اللجنة يجب أن يعترف بهذه الدعوة ويدعمها، لأن هذا الاعتراف سيدعم السعي لتحقيق السلام بين الدولتين، لافتاً إلى أنه من المؤكد أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام مع الاحتلال.

وتابع حديثه:" فإن نقطة النهاية المنطقية والعقلانية لعملية السلام الحقيقية هي انهاء الاحتلال لأرضنا وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات سيادة على الأرض الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ حزيران 1967، والتي تشمل القدس الشرقية، عاصمة دولة فلسطين، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، ومبادرة السلام العربية في العام 2002".

وفي الشأن الفلسطيني الداخلي، أكد الحمد الله أن أهم مهمة لحكومة الوفاق الوطني هي إنهاء الانقسام مع غزة واصلاح الدمار الذي حصل جراء الحرب التي شنتها اسرائيل في العام 2014.

وقال:" إننا نحرز تقدما بطيئا ولكن مع تصميم، وبالرغم من كل العقبات فنحن لا زلنا ملتزمين وعازمين ومصممين على إنهاء الانقسام، والتغلب على هذه العقبات وتحقيق أهداف المصالحة الوطنية واعادة الاعمار. ويمكن تحقيق ذلك عندما تكون حكومتي متمكنة بالكامل، كما تقوم ويتم ازالة المعوقات التي تعرقل تمكيننا في قطاع غزة".

ولفت إلى أنه في 4 أكتوبر 2017 ، التقى بالمئات من الشباب في مدينة غزة. حيث أعربوا له عن تتوقهم لحياة طبيعية كريمة، موضحاً أن القيود المفروضة من قبل إسرائيل على حركة المواطنين وتدفق السلع والمواد يتسبب في خلق مصاعب إنسانية كبيرة للأهل في قطاع غزة، والذين يعانون أصلا." ونحن جميعا نتحمل المسؤولية من أجل تغيير هذا الوضع القاتم، حيث إن تجاهل معاناة شعبنا في غزة، وخاصة شبابنا، هو وصفة لكارثة مدمرة أخرى".

وأردف رئيس الوزراء: "لقد أعلنت الحكومة الفلسطينية عن أجندة السياسات الوطنية للفترة 2017-2022 وذلك تحت شعار "المواطن أولا"، وتهدف هذه الخطة إلى تحسين نوعية الحياة لشعبنا، وذلك من خلال تقديم خدمات عالية الجودة وحماية الفئات الضعيفة والمهمشة في فلسطين".

وبحسب الحمد الله، فإن اسرائيل اعاقت وعلى مدار 12 عاما استخدام نظام الجيل الثالث في  شبكة الهواتف الخلوية الفلسطينية، وقد تم رفع الحظر في الاسبوع الماضي، وذلك بمساعدة من الحكومة الامريكية واللجنة الرباعية ونحن نشكرهم على ذلك. اما قطاع غزة فما زال محروما من هذه الخدمة بسبب القيود الإسرائيلية".

كما طالب الحمد الله في الاجتماع، إسرائيل بإزالة القيود على الفلسطينيين في مناطق ج، وليس فقط تخفيفها، فيما دعا إلى" دعم مشاريع مهمة سيادية من أجل دعم سيادتنا الوطنية، وأن لا يتم اعاقتنا في تنفيذ مشاريع سيادية مثل انشاء المطار والميناء وبناء مدن جديدة ومراقبة الحدود في الضفة الغربية وقطاع غزة. حيث ان هذه المشاريع هي تجسيد لحل الدولتين".

وأردف قائلاً:" يوجد حاجة لإمدادات الغاز الطبيعي اللازمة لتطوير قطاع الطاقة في غزة. وفي هذا السياق، فأننا نعمل في مسارين متوازيين لتحقيق هذه الغرض. بحيث يركز المسار الأول على مشروع "الغاز من أجل غزة" ويجمع هذا المشروع الأطراف المعنية لتسهيل الوصول إلى اتفاق من اجل إنشاء خط أنابيب للغاز يربط غزة بشبكة الغاز الطبيعي الإسرائيلية، لكي يحل الغاز الطبيعي مكان الوقود الذي تستخدمه حاليا محطة كهرباء غزة. وقد تم تحديد مختلف الاطر التجارية والتنظيمية للمشروع والخطوات الضرورية لتنفيذها.

وبين أن هذا المشروع سوف يقلل بشكل كبير من تكلفة توليد الكهرباء، وأيضا تحسين الظروف البيئية. ويركز المسار الاخر على تطوير حقل الغاز في ساحل غزة، والذي من شأنه أن يعزز استقلالية الطاقة الفلسطينية إلى حد كبير، وسيولد عائدات لحكومتنا بقيمة 2.5 مليار دولار أمريكي على مدى العمر الإنتاجي البالغ 25 عاما. وحتى يتم استخدام وتطوير حقل الغاز في ساحل غزة بشكل كامل، فإننا سنسعى إلى الوصول إلى ترتيبات جديدة لإمدادات الغاز مع إسرائيل.

وأشار إلى قطاع غزة يواجه أزمة مياه حادة، بحيث تقدر سلطة المياه الفلسطينية أن 97٪ من المياه الجوفية ليست صالحة للشرب. ولهذا السبب، فان إنشاء محطة تحلية المياه في غزة هو عنصر رئيسي في استراتيجية سلطة المياه الفلسطينية لقطاع غزة منذ عام 2010. ويحدونا الأمل في أن يتم الانتهاء من بناء مشروع والذي يكلف 600 مليون دولار في وقت لقريب.

وأكمل حديثه:" ذلك لتلبية الاحتياجات المتزايدة للمياه في غزة. وفي أن عددا من المانحين أعربوا عن عزمهم في تقديم الدعم المالي لهذا المشروع، فإننا ندعو الآخرين إلى سد الفجوة المالية المتبقية والتي تبلغ 220 مليون دولار. وسيعقد اجتماع المانحين لهذا البرنامج في آذار القادم، وهنا واحثكم على حضور هذا الاجتماع، وتوفير التمويل اللازم المتبقي.

وذكر أن في قطاع التعليم يوجد لدى الحكومة مشروع واعد لبناء مئة مدرسة جديدة في قطاع غزة، حيث تمكنوا من تأمين التمويل لبناء 20 مدرسة.

كما دعا الحمد الله باقي المانحين لمساعدة الحكومة من أجل تأمين التمويل اللازم لبناء المدارس الثمانين المتبقية، مشيراً إلى أن هذا المشروع مهم جدا لقطاع التعليم في قطاع غزة، وسيساعد في توفير حوالي خمسة عشر ألف فرصة عمل".

المصدر : الوطنية