قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه ينظر بقلق بالغ لحادثة وفاة موقوفين اثنين في السجون التابعة لوزارة الداخلية بقطاع غزة، فضلاً عن وجود موقوف ثالث بحالة موت سريري، وذلك خلال شهر واحد فقط.

ودعا الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم الثلاثاء، النيابة العامة في غزة عقب إعلانها فتح تحقيق بحوادث الوفاة، إلى نشر نتائج التحقيقات على الملأ، وضمان إحالة من يثبت تجاوزه للقانون للعدالة.

أوضح الأورومتوسطي أن هناك شكوكاً كبيرةً حول الظروف التي أدت إلى وفاة الموقوفين، حيث نقل المرصد عن أهالي الموقوفين قولهم إن "أبناءهم تعرضوا للضرب والتعذيب؛ حيث بدت آثار كدمات على أجسادهم"، وهو ما يستوجب التحقيق في أسباب الوفاة الفعلية ونشرها، فضلاً عن محاسبة المسؤولين عن تلك الحالات.

ووثق فريق المرصد الأورومتوسطي في الأراضي الفلسطينية حادثتي وفاة لموقوفين في سجون غزة على خلفية قضايا جنائية، كان آخرها وفاة الموقوف أحمد الفيومي (30 عامًا) من سكان حي الشجاعية، في مركز توقيف شرطة الشجاعية شرق مدينة غزة أول أمس الأحد 24 أيلول/سبتمبر.

وفيما قالت عائلته في اتصال هاتفي مع فريق الأورومتوسطي إن "ابنها تعرض للتعذيب والضرب و"الشبح" خلال سجنه على مدار السبعة أشهر الماضية، وتعرض أيضًا للإهمال الطبي، خاصة عند تدهور حالته الصحية في أيامه الأخيرة". إلا أن الناطق باسم شرطة غزة قال في تصريح صحفي مقتضب إن الموقوف "توفي نتيجة سكتة قلبية، وإنه كان يتواجد بشكل طبيعي في النظارة".

وفي ذات السياق، وثق الأورومتوسطي حادثة وفاة الموقوف خليل حرب (19 عامًا)، بتاريخ 19/9/2017، وهو من سكان حي الدرج. قالت النيابة العامة إن حرب سقط من نافذة غرفة التحقيق في الطابق الرابع من مبنى النيابة الجزائية بمدينة غزة حيث قام بمباغتة الموظفين وحاول الهرب والقفز من شباك غرفة التحقيق. 

وقالت وسائل إعلام محلية إن حرب مات منتحراً، غير أن عائلته أوضحت أن ابنها قتل نتيجة التعذيب في السجن، وما نُشر من معلومات حوله عارية عن الصحة.

وأعرب الأورومتوسطي عن خشيته من أن تكون وفاة الشاب حرب أو حتى لجوؤه للهرب أو الانتحار -إن ثبت- إنما جاء نتيجةً للمعاملة القاسية والمهينة خلال فترة احتجازه.

وطالب النيابة العامة التي قالت إنها فتحت تحقيقًا بالحادثة بضرورة الكشف عن الأسباب الحقيقة التي أدت إلى وفاته وخلفيات ذلك، فضلاً عن التحقيق في غياب إجراءات السلامة والحماية للموقوفين.

وفي مركز توقيف شرطة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، يوم السبت 2 أيلول/سبتمبر، أقدم الطفل مصطفى سلمان (16 عامًا) –وهو موقوف في سجن للبالغين في مخالفة للقانون- على شنق نفسه عبر تمزيق ملابسه وتعليق نفسه بنافذة "دورة المياه"، لينقل بعدها إلى المستشفى وهو في حالة موت سريري، وذلك بعد محاولات "حارس النظارة" إجراء تنفس اصطناعي للطفل، وفق ما صرّح به مدير النظارة

قال إن آثارًا لجروح ورضوض بدت على جسم الطفل، وهي تشي بتعرضه فيما يبدو للضغط النفسي والضرب، وهي إجراءات تعدّ من صور التعذيب و"الضرر وإساءة المعاملة والعنف"، التي أوصت المادة (19/1) من اتفاقية حقوق الطفل على منعها وتجريم مرتكبيها.

وأعرب عن تخوفه من الأوضاع داخل السجون ومراكز الإيقاف في قطاع غزة عموماً، مشيراً إلى التقرير الموسع الذي كان أصدره في العام الماضي حول الاعتقالات التعسفية والتعذيب الممارس في سجون الأجهزة الأمنية الفلسطينية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وأورد فيه عشرات الشهادات عن حالات التعذيب الممارس في السجون.

وشدد على ضرورة احترام الموقوفين وحفظ كرامتهم الإنسانية، وضمان تقديم الرعاية الصحية والنفسية الملائمة لهم بشكلٍ كافٍ، ووقف التعذيب بكافة صوره، وتقديم المسؤولين عن ممارسته للمحاكمة.

وشددت الناطقة باسم المرصد الأورومتوسطي، ساندرا أوين على ضرورة أن تلتزم السلطات في قطاع غزة بإجراء تحقيق محايد وإطلاع المجتمع المحلي ومنظمات حقوق الإنسان على تفاصيله ومخرجاته، والعمل على حماية حق السجناء في الحياة والسلامة البدنية، والتي كفلتها المواثيق والمعاهدات الدولية. 

وحذرت أوين من أن تكون ممارسات الأجهزة الأمنية داخل السجون دافعًا لتوجه المواطنين الموقوفين للانتحار. 

وشددت "أوين" على أن "الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان"، وعلى القانون أن يحمي هذا الحق، كما لا يجوز تعريض أي إنسان للتعذيب أو المعاملة القاسية أو المهينة مهما كانت خلفيات اعتقاله وتوقيفه، داعيةً إلى تحسين منظومة الأجهزة الأمنية عموماً ورفع مستوى الوعي والتطبيق الفعلي لحقوق الإنسان داخل أروقتها.
 

المصدر : الوطنية