هل تخيلت يوماً صورة جدك الأكبر الذي تحمل عائلتك اسمه أو لقبه؟ لا تطلق العنان لخيالك، فقد أصبح بإمكانك أن ترسم صورة دقيقة لملامحه بحيث يمكنك التعرف على طوله وحتى لون عينيه عبر تقنية جديدة، ولكن هناك ما هو أهم في هذه التقنية.

أصبح هناك ثورة علمية جديدة في مجال رسم صور الأشخاص من خلال تحليل جيناتهم، حسبما ورد في تقرير لمجلة الإيكونوميست البريطانية.

فقد ابتدع العالِم البيولوجي كريغ فينتر، ورئيس شركة Human Longevity الواقعة في مدينة سان دييغو جنوب ولاية كاليفورنيا الأميركية، فكرةً ثوريةً، وهي بناء أكبر قاعدة بيانات جينومية في العالم.

وأعلن كريغ في نهاية التسعينيات، أن المشروع الدولي، المُمَوَّل من القطاع العام لرصد التسلسل الجينومي، يسير بشكل خاطئ، وأنه طوَّرَ بنفسه طريقةً أسرع وأقل تكلفةً.

وجمعت الشركة 45 ألف محتوى وراثي، معظمها من مرضى كانوا في تجارب سريرية، وبيانات عن سماتهم الجسدية المرتبطة بالتجارب، واستخدمت الشركة أدوات التعلم الآلي لتحليل البيانات ثم توقُّع كيف يرتبط التسلسل الوراثي بالخصائص الجسدية.

وتطوَّرت هذه الجهود حتى وصلت إلى النقطة التي صارت فيها الشركة قادرةً على رسم صورة للأشخاص من دون حتى النظر إليهم.

وفي ورقةٍ بحثية صدرت هذا الأسبوع بـ"وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم"، وهي المجلة الرسمية للأكاديمية، شَرَحَ الدكتور فينتور وزملاؤه العملية التي سموها "الشكل الظاهري القائم على الهوية الجينية"؛ إذ أخذت المجموعة أفراداً مُتنوِّعين عرقياً وعددهم 1061 فرداً من أعمارٍ مختلفة وتتبَّعوا محتواهم الوراثي (الجينوم).

وأخذوا كذلك صوراً ثلاثية الأبعاد عالية الوضوح لوجوههم، وحدَّدوا لون العيون، ولون البشرة، وأعمارهم، وأطوالهم، وأوزانهم، ثم استُخدمت هذه المعلومات كـ"مجموعةٍ تدريبية" لتطوير خوارزمية قادرة على استنباط شكل البشر استناداً إلى جيناتهم.

وبتطبيق هذه الخوارزمية على الجينات المجهولة، استطاع الفريق توليد صور سليمة تُطابِق الصور الحقيقية لكلِ 8 من 10 أشخاص (انخفضت هذه النسبة إلى نسبة أقل إثارة للإعجاب، وهي 5 من 10 أفراد حين اقتصر البحث على عرقٍ واحد؛ لأن هذا قلَّلَ اختلافات الوجه).

ومنذ عام مضى، وباستخدام الخوارزمية نفسها، أنتجت الشركة توقُّعاً لما قد يبدو عليه أجدادك في عمر العشرين استناداً إلى جيناتهم، ويمكن مقارنة النتيجة بصورةٍ أدناها لهم في هذا العمر. ويمكن للقراء أن يحكموا بأنفسهم إذا كان الشبه معقولاً.

وذَهَبَ منتقدون الصورة إلى مواقع التواصل الاجتماعي لانتقاد النتائج، وجادل جايسون بايبر، وهو موظفٌ سابقٌ في Human Longevity، قائلاً: "يشبه الجميع التوقعات؛ لأن الجميع يبدون قريبين في الشكل من الأعراق التي ينتمون لها".

لكن الأمر الوحيد الذي جاء في صالح الدكتور فينتر، هو أن التشابهات تستند اعلى مجموعات صغيرة تجمعها صلات قرابة.

أما في حالة تقنيات الآلات المُدرَّبة، فكلما زادت البيانات تحسَّنت النتائج، فالعمل بآلاف المحتويات الوراثية يُحسِّن معدل التوقُّعات بشكل جيد.

المصدر : هاف بوست