حذر ممثلو منظمات أهلية وحقوقية من التداعيات الخطيرة للعجز المالي الذي تمر به المنظمات الأهلية وبخاصة قدرتها على توفير مختلف الخدمات للقطاعات التي تعمل فيها  في ظل تقليص الكثير من الجهات المانحة لدعمها إضافة إلى زيادة الاحتياجات الناجمة عن تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة.

وطالب الممثلون خلال ورشة عمل نظمتها شبكة المنظمات الأهلية أمس الأربعاء، حملت عنوان "منظمات العمل الأهلي بغزة في مواجهة أزمة التمويل الخارجي" بضرورة إعادة صياغة رؤية شاملة للعمل الأهلي للتعامل مع هذا الواقع الصعب.

ودعا هؤلاء إلى الإسراع في وضع استراتيجية وطنية من أجل تعزيز الصمود والمحافظة على سبل العيش واستدامة الموارد.

وقال مدير شبكة المنظمات الاهلية أمجد الشوا إن: الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها أكثر من مليوني مواطن في قطاع غزة تتدهور بشكل متسارع، وأن منظمات العمل الأهلي غير بعيدة عن هذه الاوضاع السيئة التي يعيشها شعبنا في ظل ارتفاع غير مسبوق في نسب البطالة والفقر.

وأكد أن شبكة المنظمات الأهلية حاولت رصد قضية عجز التمويل من خلال استبانة وزعت على المؤسسات الأعضاء في الشبكة لقياس مدى عجز التمويل في المنظمات الاهلية الفلسطينية.

وأظهرت النتائج الأولية لشبكة المنظمات عجزًا واضحًا بدأ يأخذ تأثير ومنحى خطير على واقع المنظمات ودورها لذلك كان لابد من إعداد ورقة سياسات حول "منظمات العمل الأهلي في قطاع غزة نحو سياسات تمويلية بديلة وخلاقة في مواجهة أزمة التمويل الخارجي".

بدوره، قال معد الورقة الباحث في الشؤون التنموية تيسير محيسن إن: منظمات العمل الأهلي في قطاع غزة تشهد قلقا متزايدا بشأن قضية التمويل الخارجي، وهي قضية لا تنفصل عن تراجع الدعم الخارجي للأراضي الفلسطينية المحتلة عموما.

وأوضح أن الفجوة التمويلية لموازنة الحكومة الفلسطينية هذا العام تبلغ نحو 465 مليون دولار، وتعاني موازنة الأونروا من عجز مالي بحوالي 115 مليون دولار.

وأشار محيسن إلى أن الانفاق على إعادة الإعمار لم يتجاوز 40% من مجموع التعهدات، كما أن أزمة التمويل تفاقم من أزمات قطاع غزة الأخرى في قضايا اساسية مثل (الكهرباء، الرواتب، المياه، الأمن الغذائي، البطالة) وتزيد من تدهور الحالة الإنسانية بصورة غير مسبوقة.

وأوضح محيسن أن انخفاض تمويل المنظمات الأهلية قدّرته بعض المصادر غير الرسمية في قطاع غزة خلال عام 2016 بانه انخفض إلى النصف تقريبا مقارنة بعام 2015 حيث أن حوالي 70% من هذا التمويل يذهب للقطاع الاجتماعي (كفالة أيتام، إغاثة وطوارئ، رعاية مسنين وذوي الحاجات الخاصة)، ونسبة تمويل المنظمات الأهلية تبلغ حوالي 10% من حجم التمويل الخارجي لفلسطين.

وبناء على نتائج الاستبانة التي اعدت من قبل الشبكة فان حوالي 60% من منظمات العمل الأهلي غير قادرة على تغطية نفقاتها ومصاريفها، وما لا يقل عن 80% من المنظمات ترى أن عجز التمويل يؤثر على جودة الخدمات المقدمة بشكل كبير.

كما أشارت النتائج بأن أبرز ما تأثرت به المنظمات الاهلية نتيجة عجز التمويل: توقف بعض المشاريع، عجز في تشغيل الأجهزة، تقليص المساعدات المقدمة للمرضى الفقراء (الأدوية، مستلزمات طبية أخرى)، وانعدام القدرة على الاستجابة لحاجات جديدة لدى الفئات.

ولمواجهة مشكلة عجز التمويل من قبل المنظمات الاهلية أظهرت النتائج أن30% من المنظمات قلصت نفقاتها التشغيلية، 56% تبحث عن مصادر تمويل بديلة "جديدة"، 58% استغنت عن خدمات بعض عامليها، 22% قلصت من رواتب العاملين، 18% تفكر في إيجاد مصادر تمويل ذاتي.

إلى ذلك، اشتملت استراتيجيات أخرى للمواجهة على ما يلي: توقيف التوظيف الجديد (اعتماد سياسة التشغيل المؤقت وتشجيع التطوع)، التشجيع على الاستقالة الطوعية، إيقاف العلاوات والترقيات السنوية، فرض رسوم رمزية على بعض الخدمات المقدمة للجمهور، تقنين المشتريات، تشجيع المجتمع المحلي على المشاركة، كتابة مزيد من مقترحات المشاريع، الطلب من وزارة العمل الفلسطينية المساعدة في تشغيل بعض أفراد كادر المنظمات لفترات مؤقتة, في حين أن بعض المنظمات بدأت تقلص أو توقف بعض القطاعات أو فترات العمل وبعضها يبحث عن مشترين للخدمات .

كما أشار محيسن بأن النتائج أفادت بأن 15% من المنظمات يعزو الأزمة إلى تبدل في سياسات التمويل، 25% يربط بين الأزمة واندلاع الحروب في المنطقة وتزايد حاجة شعوبها إلى المساعدات والدعم الخارجي، بينما 20% ترد الأزمة إلى الانقسام السياسي بين الفلسطينيين وما ترتب عليه من وجود حكومتين ،فيما أفاد 6% من المنظمات أن السبب يعود إلى الاعتماد المطلق على التمويل الخارجي وانعدام أي مصدر ذاتي للتمويل.

المصدر : الوطنية