قال الباحث في مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي "آساف أوريون" إن السياسة الحالية التي تتبعها حكومته بالتسليم عمليًا بحكم حماس غزة دون الاعتراف بها وردعها وإحباط جهودها بالمساس بأمن "إسرائيل"، ومحاولات تعزيز قوتها ومنع سيطرتها على الضفة الغربية؛ تأتي بصدد استبعاد المواجهة القادمة فقط.

وأضاف أوريون في ورقة بحثية أعدها "يأتي هذا بثمن ترسيخ مكانة حماس، وعلى المدى المتوسط والبعيد، وإبعاد المواجهة القادمة مع غزة، وتحديد أهدافها، الاستعداد لخوضها، حيث يظهر ذلك في أقوال رئيس الحكومة أمام الكنيست ".

وأكد أن من الصعوبة التي تواجه منع التصعيد وإبطاء وقوع مواجهة تكمن في الضائقة الاقتصادية الخطيرة في قطاع غزة، حيث تزداد منظومة الضغوطات التي يمارسها الرئيس محمود عباس على حماس، من تقليص للرواتب والإعلان عن وقف تمويل كهرباء غزة وتقليص الموارد المحصصة للمنطقة.

وتابع "أمام هذا كله تواصل إسرائيل وبتوصية الأجهزة الأمنية - القيام بخطوات لتخفيف الضائقة التي تعجل التصعيد، ولكن بنمط بطيء للغاية، بسبب مجموعة من الموانع السياسية والاعتبارات الأمنية التكتيكية".

وبين أن الردود الفورية الإسرائيلية على نمط الهجمات من غزة، ورغم أنه يراد منها الإبقاء على وضع الردع، غير أنها هي الأخرى تحمل طابع إمكانية التصعيد، ولك دون أي رغبة قريبة فيها من قبل حماس واسرائيل.

وأوضح، أن الحرب السابقة اندلعت على خلاف رغبة الطرفين، إلا أنها قد تندلع مرة أخرى وربما قريبًا أيضًا، حيث يمكن لأهداف الحرب القادمة وخريطة سيرها أن لا تخضع لإرادة حكومة إسرائيل الحرة المطلقة أيضًا.

وأشار إلى، أن أقوال رئيس الحكومة في الاجتماع المذكور تعكس فهمًا عميقًا لمغزى احتلال غزة بالنسبة لإسرائيل، حيث سيستلزم لها تكلفة كبيرة غير أثمان القتال بعدها في الحكم المباشر لحوالي مليوني فلسطيني آخرين، والعبء الاقتصادي الثقيل، وارتهان قوات الجيش الإسرائيلي في القطاع لسنوات، وفقدان الإنجازات السياسية والاستراتيجية التي حققها الانفصال.

 

يذكر أن وزير الأمن أشار قبل دخوله منصبه إلى أن الحرب القادمة في غزة يجب أن تكون الأخيرة لحماس، ومن حينها صرّح عدة مرات بأنه في الحرب القادمة يجب "الذهاب بكل القوة وعدم التوقف حتى يرفع الطرف الآخر الراية البيضاء ويصرخ مستغيثًا"، وبناءً عليه فقد تصل إسرائيل من خلال قرار أو في أعقاب تطورات الحرب إلى توسيع العمليات العسكرية حتى احتلال القطاع أو إسقاط حكم حماس.

ويرى أوريون، أن الأعمال المطلوبة من إسرائيل في سبيل إبطاء التدهور نحو تصعيد آخر تستدعي خطوات حثيثة لتخفيف الضائقة الاقتصادية الخطيرة في القطاع، ومنع دفع أزمة إنسانية، وذلك من خلال العمل مع شركاء إقليميين "مثل دول الخليج" وآخرين دوليين لتخفيف أزمة الرواتب من خلال تقليص خطر استخدام حماس لتلك الأموال لاحتياجاتها والسماح بتصدير البضائع بشكل موسع من قطاع غزة وتقديم حلول بنيوية في مجال المياه والطاقة والصناعة والإسكان وغيرها.

وأضاف "والدفع باتجاه إقامة ممر آخر للبضائع في معبر إيرز على ضوء الحمل الزائد في معبر كرم أبو سالم وإنشاء بنية تحتية لقطار لنقل البضائع إلى هناك من ميناء أسدود بعد المراقبة الأمنية".

وأكد أن هذه الخطوات تواجه بتوتر رغبة إسرائيل في إضعاف حماس والاعتبارات الأمنية الأخرى من تقليص لقوتها ومنع قيامها بعمليات، حيث يجب دراسة هذه الإجراءات بشكل فوري بسبب الخطر المتزايد للتدهور باتجاه حرب واسعة النطاق، والتي ستكون أثمانها أعلى بكثير من ثمن عملية هنا أو هناك.

المصدر : وكالات