يصادفُ المتجولُ في شوارع قطاع غزة أماكنًا كثيرة هُجِرَتْ لعقود من الزمن، لتبقى شاهدة على ميراثٍ ثقافيٍ ازدهر في أواخر القرن الماضي، وبدأ في الاندثار خلال السنوات الأخيرة بفعل العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

دور السينما على تعددها واختلافها خلال فترة ازدهارها في غزة، إلا أنها تتشارك في اهتمام ورغبة الناس بها، رغم ما وصلت إليه من خراب ودمار بشكل جزئي أو كلي.

وعرفت غزة مع نهاية سبعينات القرن الماضي أكثر من عشرة دور عرض، منها سينما السامر، وسينما عامر، وسينما النهضة، والشاطئ، والسلام وغيرها.

وكان أغلب سكان غزة يعتبرون السينما المتنفس الوحيد لهم، فلم يكن في ذلك الزمان التلفاز متاحاً بكثرة، فنادراً ما يتوفر أكثر من تلفاز في منطقة واحدة، ويتجمع عليه كل أهلها لمتابعة فيلم ما.

ومع مجيء الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 تعطلّت كافة دور العرض السينمائي في كل المدن الفلسطينية، إلا أنه وفي عام 1994 قررت السلطة الفلسطينية مع وصولها إعادة افتتاح بعض دور السينما في غزة، ومن بينها سينما السامر والنصر وعامر.

ولم تتضرر دور السينما من التوترات الناتجة عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي فقط، حيث قام عدد من الشبان الفلسطينيين عام 1996 بإحراق آخر ما تبقى من دور السينما الموجودة في غزة.

ورصدت الوكالة الوطنية الحالة التي وصلت إليها بعض دور العرض بعد تعطل العمل بها لأكثر من 20 عامًا، لتكتشف أنها تحولت إلى مكانٍ لتعاطي المخدرات وممارسة أفعال خارجة عن الآداب العامة.

ووجدت الوطنية خلال جولة في أحد دور العرض أدوات لتعاطي المخدرات منتشرة على أرضيتها بجانب ألبسة ومستلزمات نسائية.

وقال المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية في غزة أيمن البطنيجي، إنه من الممكن استخدام أماكن مثل دور العرض المهجورة في ممارسة الأعمال المنافية للآداب العامة كتعاطي المخدرات أو ممارسة الجنس، حيث يمكن لأي أحد أن يدخلها.

وأوضح البطنيجي في حديثه لـ الوطنية، أن دور العرض تعتبر أماكنًا مشبوهة منذ فترة كبيرة كونها مهجورة ومدمرة، مما يجعلها ملاذًا لأفعال بعض الخارجين عن القانون، مؤكداً عدم وجود معلومات لدى الشرطة عن أي شبهات حول تعاطي المخدرات وغيرها.

وأضاف أن "الأصل خروج دورية مكونة من فرقة خاصة لتفتيش وتقصي حقيقة ما يدور داخل دور العرض بشكل دوري من قبل شرطة المحافظة"، نافيًا أن يكون ذلك حصل من قبل حسب اطلاعه.

وأشار إلى أنه سيقوم بتنبيه الشرطة لما يحصل داخل دور السنيما، دون انتظار وجود بلاغ رسمي عن أفعال خارجة.

دور السينما في غزة ليست غريبة، وإنما الغريب أن تستهدف كاميرا وأقلام الصحافيين جانبًا جماليًا فيها برغم توقفها عن العمل لأكثر من 20 عامًا، بينما تنتشر فيها حالة من تدني المستوى الأخلاقي.

 

المصدر : فادي بارود – الوطنية