يسير راجي الهمص المذيع بفضائية الأقصى بحذر وهو يدخل الأستوديو الكبير الذي يشبه ساحة انتفاضة وأعدته القناة مع دخول الانتفاضة شهرها الثاني. ويبدي الهمص الذي توشح بالكوفية الفلسطينية للمرة الأولى في القناة التي تتبع حركة حماس اعتزازه وفخره وهو يجلس في المكان الذي يعيد إلى الأذهان انتفاضة الحجارة. وسارعت العديد من القنوات الفضائية الفلسطينية إلى تغيير محتويات استوديوهاتها لكي تتناسب مع أحداث الانتفاضة المشتعلة بالضفة الغربية، لا سيما فضائية الأقصى التي وضعت مجسم "جيب عسكري إسرائيلي" وإطارات سيارات مشتعلة إضافة إلى عدد من المكعبات الأسمنتية التي يستخدمها الاحتلال للحواجز. كما التزم معظم العاملين في هذه الفضائية بلبس الكوفية والملابس التي تحمل شعارات وطنية تعبر عن روح الانتفاضة التي انطلقت مع بداية شهر أكتوبر الماضي. ويطمح هؤلاء بأن تتوحد كافة الجهود لكشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني. ويعتبر المذيع في فضائية الأقصى راجي الهمص خلال لقاءه مع الوطنيـة أن المعركة الإعلامية لا تقل ضراوة عن ما يقوم به الشباب في الميدان. ويأمل الهمص بأن يكون هناك إعلام فلسطيني وعربي ودولي الشبان في ميدان المواجهات ويساندهم ويدعمهم ويرفع من همتهم ليوصل رسالتهم للعالم أجمع". ولكن الهمص يرى بأن لابد من العمل الجاد والدؤوب من أجل توحيد الكل الفلسطيني واستثمار ه جيدًا خلف خيار الانتفاضة والمقاومة ورفض الاحتلال. وعن التغيرات التي قامت بها قناة الأقصى لكي تتناسب مع أجواء الانتفاضة يقول إن: " الانتفاضة كانت فرصة لنعود للناس بثوب وطني وإصرارا على أن هناك الكثير من الوسائل وهوامش الحرية الواسعة التي توحدنا كفلسطينيين . " زميل الهمص، المذيع رمزي البورنو بدا حريص لارتداء الكوفية خلال نشرات الأخبار  كونها تمثل رمز الشعب الفلسطيني في كافة بقاع الأرض. ولم يختلف البورنو كثيرًا عن زميله بل أبدى اصراره على ضرورة الاستمرار بارتداء الكوفية حتى تضع انتفاضة الأقصى أوزارها". وكانت الكوفية على مدار التاريخ رمزاً للكفاح، لا سيما ضد الانتداب البريطاني و المهاجرين اليهود و عصاباتهم، واستمرت رمز الثورة حتى يومنا هذا مرورا بكل محطات النضال الوطني الفلسطيني.

تلفزيون فلسطين

وكان لمذيعة تلفزيون فلسطين الرسمي التابع للسلطة الوطنية مني عوكل رأي مختلف، حيث اعتبرت أن ارتداء الكوفية عنصر اً يساعد على اشعال غضب المحتل وجيشه. ولم تستطع عوكل إخفاء سعادتها بسبب ما حققته الانتفاضة من توحيد بوصلة وسائل الاعلام وتوجيهها إلى الطريق الصحيح، مشددة على أن الكوفية تعطي إشارة قوية على أن فلسطين وطن ليس بالسهولة التخلي عنه، وشعب فلسطين لا يمكن أن يستمر بالعيش تحت الاحتلال. ومع انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في النصف الثاني من ستينات القرن الماضي كانت الكوفية مقرونة بالفدائي كما سلاحه وكان أيضاً السبب الرئيسي لوضع الكوفية إخفاء ملامح الفدائي. واقترنت الكوفية عند شعوب العالم باسم فلسطين و نضال شعبها، وقوي هذا الاقتران أثناء الانتفاضة الأولى عام 1987 وصولا" إلى الانتفاضة الثانية عام 2000. أما المراسل الميداني فؤاد جرادة يثني على إصرار زملاءه في تلفزيون فلسطين لارتداء الكوفية بالنشرات الإخبارية خلال انتفاضة القدس المشتعلة. ويرى جرادة بأن ما يقوم به الزملاء والإعلاميين في غزة يزيد من إيمان المقاومين على خطوط النار ويرفع من معنوياتهم لمواجهة الاحتلال. ويلاحظ جرادة أثناء عمله ميدانيا على إقبال الشبان على خطوط التماس يرتدون الكوفية كلثام يخفي فيه المتظاهرين الفلسطينيين أنفسهم خشية الاعتقال.

المصدر :