نشر مركز الفلك الدولي، أمس الأربعاء، بيانًا مشتركًا بتوقيع 25 متخصصًا في علم الفلك من 13 دولة بشأن رؤية هلال عيد الفطر، ولماذا يقول المتخصصون إن رؤية الهلال يوم الخميس غير ممكنة بالعين المجردة في العالم العربي والإسلامي؟

يأتي ذلك بعد جدل أثير قبل أيام عقب أنباء نُسبت إلى مركز الفلك الدولي بأن السبت سيكون أول أيام عيد الفطر وليس الجمعة، ما دفع المركز إلى الرد بأن تلك الأخبار مجتزأة وأنه “ليس جهة إعلان” بل مركزًا علميًّا يقدّم المعلومات الفلكية، مردفًا أن المقال الأصلي به تفاصيل تبين ظروف رؤية الهلال في مختلف الدول، وبناء عليها يمكن تحديد بداية الشهر من الجهات المعنية.

وجاء في البيان المشترك اليوم أنه “لا يخفى على أحد اللغط الحاصل حاليًّا في الحديث عن رؤية هلال العيد مساء الخميس 20 أبريل/ نيسان 2023، ما بين مؤكد أنه سيُرى ويكون العيد يوم الجمعة وآخر يؤكد أن الهلال لن يُرى”.

وأوضح أن الهدف من هذا التصريح ليس تحديد اليوم المتوقع لعيد الفطر إذ إنه مرتبط بعوامل متعددة ما بين فقهي وعلمي، إنما غاية هذا التصريح هو بيان بعض الحقائق العلمية المتعلقة بمسألة رؤية الهلال، فوجود الهلال في السماء لمدة قصيرة بعد غروب الشمس لا يكفي للقول بإمكانية رؤيته، بل حتى مدة مكثه وعمره هي عوامل غير كافية للتنبؤ برؤيته.

 

 

وقد بيّن العديد من الأبحاث -لمتخصصين مسلمين وغير مسلمين- المدعمة بالأرصاد أنه لا يمكن الاستناد إلى عمر القمر ومكثه لإعطاء توقع مقبول عن إمكانية رؤية الهلال، ومن أهم العوامل المحددة لإمكانية رؤية الهلال هو بُعد القمر عن الشمس بالدرجات.

فرؤية الهلال غير ممكنة إذا كان بُعد القمر عن الشمس أقل من حد معين، وُجد أنه يبلغ ست درجات. ويُعَد هذا الحد، الذي يقبله ويأخذ به كل المختصين عبر العالم، مسلمين وغيرهم، من أهم العوامل للبدء بالنظر في إمكانية رؤية الهلال.

ووضع أجدادنا المسلمون العديد من معايير رؤية الهلال بعد بحث واستقصاء ومقارنة مع الأرصاد العملية، وما زالت معاييرهم حتى زماننا الحاضر تتسم بالصرامة والدقة، فهي تعطي إمكانية رؤية الهلال بالعين المجردة، إذ لم توجد تلسكوبات في عصرهم، والعين هي ذاتها العين.

واستمر الباحثون في دراسة مسألة رؤية الهلال وتجميع مزيد من الأرصاد لتنقيح المعايير إلى أن وصلت في زماننا الحالي إلى مستوى عال من الدقة ومطابقة الواقع.

وفي الحقيقة -وفق البيان المشترك- أن جميع المعايير السابقة، قديمها وحديثها، تبيّن أن رؤية الهلال يوم الخميس غير ممكنة بالعين المجردة من العالم العربي، وفق إجماع متخصصين.

لا أن اللغط يحصل بسبب شهادات برؤية الهلال بالعين المجردة يعلم المختصون أنها خاطئة، بل توجد دراسات كثيرة تبيّن إحصائيات تلك الأخطاء عبر العالم العربي، وفي سنوات سابقة كانت تأتي في أوقات لا وجود للهلال في السماء حينها أصلًا، وعدّد البيان أمثلة على ذلك.

وأشار إلى أنه بسبب تكرار هذه الشهادات المغلوطة، فقد شكك البعض في دقة الحسابات الفلكية، وهناك من يحتج بأن المعايير الفلكية والأرقام القياسية أمور يمكن خرقها، وهذا صحيح بالطبع، ولكن خرق معايير بُنيت اعتمادًا على سجلات امتدت لمئات السنين لا يكون بمقدار كبير بل بمقدار بسيط لا يؤثر في دقتها، ويكون من أهل الاختصاص، ويجب أن تمتاز بالتكرار ومن قِبل أطراف متباينة وأماكن مختلفة.

وضع هلال يوم الخميس في بعض المدن العربية والإسلامية عند غروب الشمس:

في جاكرتا يبعد القمر حينها عن الشمس 2.7 درجة (حد “دانجون” المتفق عليه عالميًّا هو 6 درجات).

في أبو ظبي يبعد القمر عن الشمس 4.7 درجات.

في مكة المكرمة يبعد القمر عن الشمس 5.1 درجات.

في القدس يبعد القمر عن الشمس 5.4 درجات.

في القاهرة يبعد القمر عن الشمس 5.5 درجات.

في داكار (السنغال) يبعد القمر عن الشمس 8 درجات، ويمكن أن يرى بالأجهزة.

وبالنظر إلى جميع المعايير العلمية المعتبرة للهلال والمنشورة في دوريات محكمة، نبّه البيان إلى أن رؤية الهلال غير ممكنة بالعين المجردة في العالم العربي أو الإسلامي، وغير ممكنة حتى باستخدام التلسكوب في معظمه.

أما بالنسبة للدول التي تكتفي بغروب القمر بعد الشمس حسابيًّا ولا تشترط رؤية الهلال، أو تكتفي بإمكانية الرؤية من أي مكان في العالم يشترك معها بليل، فيصح تمامًا أن يكون عيد الفطر فيها يوم الجمعة 21 أبريل.

لكن بالنسبة للدول التي تشترط الرؤية المحلية (الصحيحة) بالعين المجردة فقط، أو الدول الواقعة في آسيا وتقبل الرؤية المحلية بالتلسكوب، فيُفترض أن تكون عدة رمضان فيها 30 يومًا، وأن يكون عيد الفطر فيها يوم السبت 22 أبريل.

وختم البيان بالتأكيد أن إعلان بدايات الأشهر الهجرية هي طبعًا من اختصاص الجهات الشرعية في الدول الإسلامية.

المصدر : وكالات