الوطنية - عبد الفتاح حلس

يعاني قطاع غزة من تدهور حاد وتلوث خطير في المياه الجوفية نتيجة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي التي تسببت في منع دخولها إلى الآبار الجوفية.

وتتعقد مشكلات قطاع غزة الإنسانية مع شح المياه، حيث يتزايد العجز في المياه الجوفية ليصل إلى 140 مليون متر مكعب سنويا، في ظل محاولات لإيجاد حلول لسد العجز أبرزها تحلية مياه البحر وتنقية مياه الصرف الصحي.

ويعتمد قطاع غزة صاحب الكثافة السكانية الأعلى عالميًا بشكل كامل على خزان المياه الجوفي، إذ يتم شحنه من مياه الأمطار بمعدل 50- 60 مليون متر مكعب سنويًا، إذ يحتاج القطاع أكثر من 210 مليون متر مكعب من المياه العذبة سنويا لكافة الاغراض المنزلية والزراعية والصناعية.

وأوردت العديد من التقارير الفنية عن وجود هبوط حاد وواسع لمستوى مياه الخزان الجوفي، علما بأن الخزان الجوفي يعتبر المصدر شبه الوحيد والذي يعتمد عليه غالبية سكان القطاع في الحصول على ما يقارب من %94 من احتياجهم الكلي للمياه.

عجز كبير

وقال الباحث في شؤون المياه والبيئة أحمد حلس، إن سكان قطاع غزة يعانون على مستوى الأسرة فيما يتعلق بكمية المياه الواصلة إلى منازلهم لأغراض الاستهلاك اليومي.

وأوضح حلس، خلال حديثه لـ "الوطنية"، أن الدراسات الفنية الحديثة تقدر كمية المياه التي تصل إلى المواطنين في القطاع بـ 70-60 لتر للفرد في اليوم وقد تكون أقل بكثير من ذلك لدى الكثير من الاسر وخصوصا في المناطق الريفية والمهمشة.

وتوصي منظمة الصحة العالمية بضرورة تزويد السكان بما لا يقل عن 120-100 لتر للفرد في اليوم حتى يتحقق مستوى الأمن المائي المطلوب للأسرة بما يضمن مياه كافية للشرب والنظافة الشخصية وقضاء الاحتياجات المائية الاساسية لكافة الافراد.

مياه غير مطابقة للمعايير

بدوره، قال مدير عام سلطة المياه بغزة مازن البنا، إن التلوث الناتج عن مياه الصرف الصحي "الآبار" الموجودة في بعض مناطق القطاع التي لا تتوفر فيها شبكة صرف صحي، من المشكلات التي تعصف بالخزان الجوفي مما رفع نسبة النترات في المياه التي تؤثر بشكل سلبي على صحة الانسان.

وأكد البنا، خلال حديثه لـ "الوطنية"، أن عجز مصادر المياه في فلسطين التي تعتبر غير كافية يأتي نتيجة الضغط على الخزان الجوفي لتلبية احتياجات السكان ما أدى لانخفاض منسوب الخزان مما يستنزف المصدر الرئيسي بالإضافة للتلوث الناتج عن الصرف الصحي وعدم وجود شبكات صرف صحي تغطي كافة المناطق.

وبين أن حوالي %97 من مياه الخزان الجوفي هي مياه غير صالحة للشرب بسبب شكل أو أكثر من أشكال التلوث، وذلك نتيجة لتسرب مياه الصرف الصحي المعالجة جزئيا أو غير المعالجة إلى الخزان الجوفي بمتوسط 12 مليون متر مكعب في السنة، إضافة إلى أن 35 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي يتم تصريفها إلى البحر بشكل مباشر كل عام والتي تعود ولو بشكل جزئي إلى الخزان الجوفي عبر التسرب المباشر.

وأضاف أن اقتحام مياه البحر للخزان الجوفي إضافة إلى سحب المياه المالحة والقديمة المتواجدة في قاع الخزان الجوفي أو من المناطق البعيدة في محيط قطاع غزة بسبب انخفاض مستوى المياه الجوفية وذلك جراء السحب الجائر الذي يتجاوز التعويض الطبيعي عبر مياه الأمطار التي تغذي الخزان أدى إلى تلوث مياه الخزان الجوفي بالمياه المالحة ورفع تركيز كلوريد الصوديوم) NaCl) في المياه الجوفية أضعاف ما هو موصى به محليا وعالميا )250 ppm.

ممارسات الاحتلال وسرقة المياه

وأكد مدير عام سلطة المياه بغزة أن إجراءات الاحتلال ومن خلال انشاء الآبار الحدودية وقيامه بسحب مياه الخزان الجوفي من 10 -15 مليون متر مكعب سنويا وبناء السدود من قبل الاحتلال لمنع دخول المياه لمجاريها في الوديان كوادي غزة ووادي السلقا كممارسات حدت من الاستفادة من مصادرنا وحقوقنا المائية السطحية والجوفية وفق القانون الدولي , وساهم الحصار والحروب الإسرائيلية في زيادة معدلات تلوث مياه غزة.

 حلول الأزمة

وقال إن سلطة المياه عملت على إنشاء ثلاث محطات معالجة في قطاع غزة بالإضافة لمحطات أخرى لإعادة استخدام تلك المياه بعد المعالجة، وانشاء ثلاث محطات لتحلية مياه البحر في شمال القطاع ودير البلح والقرارة في خانيونس لتزويد السكان بمياه صالحة للشرب.

وأشار إلى أن الحصار وإجراءات الاحتلال التعسفية تعيق تطوير المحطات الحالية وبنت سلطات الاحتلال سياساتها على السيطرة على مخزون المياه الجوفية في قطاع غزة، منذ احتلاله في العام 1967 وان سلطة المياه لجأت إلى زيادة نسبة المياه المشتراة من الاحتلال لسد احتياجات السكان وسد العجز من المياه.

المصدر : الوطنية - عبد الفتاح حلس