تقرير/ وجيه رشيد

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة ومع تعقيدات الحياة اليومية التي تزداد سوءًا يومًا بعد آخر في قطاع غزة، ومع قلة فرص العمل يندفع الشباب والخريجين الجامعيين وأصحاب الشهادات العليا ليسلكوا طرقًا أخرى بعيدة عن طموحاتهم وآمالهم طمعًا في لقمة العيش.

جاءت الرياح بما لا تشتهيه سفن محيي الدين كلاب الحاصل على شهادة الدكتوراه في الحديث الشريف وعلومه وله العديد من الكتب والمؤلفات والذي يفترض أن يقف في مكانه الطبيعي أمام طلابه محاضراً في إحدى الجامعات، لينتهي به المطاف بائعًا على بسطته المتواضعة في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة.

يقف محيي الدين (32 عاماً)، أمام بسطة يبيع "الفراولة" منادياً على المتسوقين في المخيم بعدما سُدت في وجهه كل الأبواب للحصول على فرصة عمل في مجال دراسته أو في غيرها.

وقال كلاب، "أب لثلاثة أطفال"، خلال حديثه لـ "الوطنية"، إنه تخرج من الجامعة الإسلامية عام 2011 تخصص دراسات إسلامية، وفي 2014 حصلت على ماجستير حديث شريف، ولم يتبق سوى القليل لمناقشة رسالة الدكتوراه في الحديث الشريف وعلومه، مشيرًا إلى أن تكلفة مسيرته العلمية وصلت إلى 20 ألف دينار أردني.

ولم يقف طموح وشغفه العلمي عند هذا الحد فألف العديد من الكتب الدينية والتراثية معظمها في مجال تخصصه مثل: "مسند غزة ومسند نابلس وكتاب معجم المعارك والعمليات العسكرية على أرض فلسطين وكتاب الصحابة الذين توفوا في فلسطين، وكتب للتراث وغيرها من الكتب والتأليفات التي لها علاقة في علم الحديث.

سُرح من عمله بتقارير كيدية

وأوضح أنه كان يعمل في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بنظام المقطوعات براتب شهري (500 شيكل) بدوام كامل من الثامنة صباحًا وحتى الثانية عشرة ظهرًا.

وبين أنه جرى إنهاء عقده من الوزارة بعد بلاغات كيدية واتهامات زور ليس لها أي أساس من الصحة.

ولفت إلى أنه تقدم مرة أخرى في وزارة الأوقاف ونجحت في الاختبار الأول ونجحت الاختبار الثاني وهي المقابلة ليتم استثنائي من كشف كامل حتى أنهم لم يضعوني على الدور الـ 190.

شرف وكرامة

وأشار إلى أنه يعمل على بسطة متواضعة منذ ثلاث سنوات.. "مش عشان معي رسالة دكتوراه يعني أروح أشحت صحن الطبيخ من الجيران" لذلك قررت العمل والسير طمعًا في لقمة العيش.

وأضاف: "العمل فخر وشرف وأكبر شرف قمت به في حياتي وأشتغل على كارة بحمار وأجيب 10 شيكل وأطعميها لأولادي أشرف ما أنذل لأي حدا".

وتابع: "إن راحت عزتنا وكرامتنا وين بدنا نروح"، موجهًا رسالته إلى كل الضمائر الحية للنظر بعين الرحمة وتوفير فرص عمل للشباب والخريجين وأصحاب الشهادات العليا وأن يعمل كل في مكانه المناسب.

وأردف: "أمل بالعمل في مكاني المناسب نظرًا للشهادة التي أرهقت لنيلها.. مش أقعد أشرح للناس عن الفراولة وأنواعها وطبيعتها".

ووفق خبراء اقتصاديين، تبلغ نسبة البطالة بين الخريجين في قطاع غزة (20 حتى 29 عاماً) 73%، في حين وصل عدد الخريجين العاطلين عن العمل حوالي 150 ألفا، بينما بلغ عدد العاطلين عن العمل ربع مليون شخص، وارتفعت معدلات الفقر والفقر المدقع لتتجاوز60%.

وأكد الخبراء، أن تجاوز عدد الأشخاص الذين هم بحاجة إلى مساعدات إغاثية من "الأونروا" والمؤسسات الإغاثية الدولية أكثر من 85% من سكان قطاع غزة، بينما تجاوزت نسبة انعدام الأمن الغذائي 68% لدى الأسر، وارتفاع حاد في نسبة البطالة بين الشباب في قطاع غزة.

المصدر : الوطنية - وجيه رشيد