تتسارع الأحداث غير المسبوقة في "إسرائيل"، منذ حربها الأهلي التي وقعت بعد قرار بن غوريون الذي أمر باستهداف سفينة "التلينا" المحملة بالسلاح عام 1948، من قبل عصابة "إتسل الصهيونية" بزعامة مناحيم بيغن "مؤسس الليكود". استُهدفت لأنها خالفت الهدنة، ورفضت العمل تحت مظلة "الجيش الإسرائيلي" آنذاك.

حكومة نتنياهو المتطرفة تسير على ذات الطريق نحو الاشتباك الداخلي، فغزارة تصريحات القادة المتطرفين تنذر بفقدان الكيان "الإسرائيلي" ما تبقى من حالة التماسك، التي هي بالأصل تعاني من تمزّقات كبيرة. ربما شارة الخطر بالنسبة "للإسرائيليين"، هو تصريح عضو الكنيست من الصهيونية الدينية، "تسفيكا فوغل" الذي قال: "يجب اعتقال يائير لابيد، وبيني غانتس، ويائير غولان، وموشيه يعالون، بتهمة خيانة الوطن، إنهم أخطر الناس، يتحدثون عن الحرب ضدنا، ويعاملوننا كعدو، هذه خيانة للوطن وهذا مبرر لاعتقالهم".

حكومة نتنياهو المتطرفة تسير على ذات الطريق نحو الاشتباك الداخلي، فغزارة تصريحات القادة المتطرفين تنذر بفقدان الكيان "الإسرائيلي" ما تبقى من حالة التماسك، التي هي بالأصل تعاني من تمزّقات كبيرة

"إسرائيل" التي أفرزت في انتخاباتها الأخيرة المتطرفين بن غفير وسموتريتش، القادمين من مدرسة المتطرف كهانا، الذي طالما نادى باستباحة الدم الفلسطيني، وإلى هدم الأقصى المبارك وبناء الهيكل المزعوم، اليوم تعاني منهم، ليكون الثمن أضعافا مضاعفة، بسبب أنهما اليوم يحملان رتبة وزير شرعي، ويقودان زمام المبادرة وفقا لأيديولوجية عمياء.

وحسب مراقبين "إسرائيليين"، فإن نتنياهو يدفع بشركائه ليكونوا الوجه القبيح لما يدور، لينشغل الرأي العام "الإسرائيلي" بهم، دون الالتفات لملفات الفساد التي تلاحقه على الدّوام. يقول عاموس هارئيل عبر "هآرتس": "نتوقع فوضى تشريعية تمليها أحزاب اليمين المتطرف في الضفة الغربية، ومن الممكن أن تتطور إلى صراعات، بين الحكومة الجديدة ومسؤولين في الجيش الإسرائيلي والشاباك".

إذا شركاء نتنياهو الفاشيون يرددون: لا قبول لتيارات المعارضة، ولا قبول بالأقليات (فلسطينيي 48). وبينهم وزراء وأعضاء كنيست يصرحون علنا أن أرض "إسرائيل" لليهود فقط، إنهم يسيرون برؤية قومية متطرفة، مستحضرين نهج سلفهم السابق، المتطرف "آرئيل شارون"، الذي قال لإذاعة إسرائيل، في تشرين الثاني/ نوفمبر 1998: "علينا التحرك بسرعة لانتزاع أكبر قدر ممكن من قمم التلال الفلسطينية، من أجل توسيع المستوطنات اليهودية، فكل ما سنأخذه اليوم سيبقى لنا، وكل ما لا ننجح في انتزاعه سيذهب لهم".

"إسرائيل" تسير نحو المزيد من التفكك السياسي والانقسام الداخلي، وأن أحد معاول الهدم هم أولئك المتطرفون

حتى لو اتفقنا على أن الفلسطيني هو المستهدف الأول والأخير فيما يجري، فإن عُمر هذه الحكومة الفاشية لن يطول كثيرا؛ لأن تاريخ الصراع مع هذا الكيان أقرّ أن صمود الفلسطينيين ومقاومتهم تشتد كلما ازداد منسوب التطرف لدى المحتلين، وأن مقاومة غزة خير دليل على سقوط نظرية "أرئيل شارون" حينما كان يردد: أن مستوطنة "نتساريم"، هي كـ"تل أبيب"، وكذا الأمر في الضفة الغربية، حيث أربكت عمليات المقاومة حسابات المحتل، فبرز العجز على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "إسحاق رابين"، بقوله: "لا أستطيع فعل أي شيء أمام إنسان قادم ليموت"، جدار الفصل العنصري وتسليح المستوطنين، لم يقدّم للمحتل شيئا.

إذا "إسرائيل" تسير نحو المزيد من التفكك السياسي والانقسام الداخلي، وأن أحد معاول الهدم هم أولئك المتطرفون، إلى أن تأتي المقاومة الفلسطينية لتقضي على ما تبقى من ذاك الكيان "المحتل"، وسيحدثنا التاريخ بأن الحق ثابت لا يتغير أبدا، وأن الباطل عابر يتقلّب ليزول.