يصادف اليوم إحياء العالم ليوم التضامن مع الشعب الفلسطيني اليوم الذي تحول إلى يوم لمراجعة العالم لنفسه ولمنظومة القيم التي تحكمه وتتحكم به ليس علي المستوى السياسي فقط ولكن علي المستوى الأخلاقي والقيمي أيضا.

فبعد ٧٤ عامًا من صدور قرار التقسيم الذي أقرت فيه الأمم المتحدة حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني حتى وإن كانت هذه الأرض منقوصة بفعل طغيان القوى الاستعمارية التي تحالفت مع الصهيونية ومنحتها جزء كبير من أرض فلسطين التاريخية، إلا أن قرار التقسيم كان علي الأقل ينص على حق شعبنا في أرضه ودولته.

في هذا اليوم من كل عام يقف العالم على المستوى الرسمي والشعبي ليراجع ذاته ويدرك حجم العجز الذي ما زال يواجهه ويمنعه من تطبيق قرارات العالم سواء قرار ١٨١ القاضي بإقامة دولة فلسطينية أو القرار ١٩٤ القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينين إلى ديارهم التي شردوا منها أو غيرها من مئات القرارات أو حتى في أقل ما يمكن توفير حماية للشعب الفلسطيني من بطش الاحتلال والاستيطان والتمييز العنصري.

إن هذا العجز الدولي المستمر تتيحه هيمنة قوى الشر والاستعمار والامبريالية وتحالفها مع الصهيونية والرجعية العربية، يقابله في المقابل نمو كبير في حركات التضامن مع الشعب الفلسطيني ومعاداة الصهيونية ومقاطعه الاحتلال، وما شهدته عواصم العالم ومدنه من مظاهرات مليونية أثناء العدوان الهمجي على شعبنا في غزة والقدس في أيار الماضي، وما يشهده العالم يومياً من نمو وتعاظم في حركة المقاطعة للاحتلال، يُعبر على أن شعوب العالم كانت ولا زالت وستبقى إلى جانب شعبنا الفلسطيني وحقوقه وإلى جانب العدالة والحرية.

إن أصدقاء شعبنا في العالم في كل مكان، في البرلمانات والأحزاب وحتى في بعض الحكومات وهم منتشرون في كل بيت من بيوت العالم تقريباً وهم أوسع انتشاراً وأكثر مما نعرف أو نعتقد، فكل مَن هو ضد الظلم وضد العنصرية وضد الاحتلال ومع الإنسانية والعدالة والسلام فهو تلقائيا مع شعبنا وصديقاً له.

المطلوب في هذا اليوم هو مراجعة الذات الفلسطينية وإعادة الاعتبار بقوة للقضية الفلسطينية بمزيد من الوحدة والتلاحم وإعلاء قيمة النضال الوطني ومقاومة الاحتلال وحشد كل الجهود لكسب أكبر قدر من التأييد الدولي لقضية شعبنا، ومخاطبة العالم بلغة المظلومية التاريخية لشعبنا، وكشف وجه إسرائيل القبيح كدولة فصل عنصري واضطهاد عرقي وأبارتهايد.

الدبلوماسية الفلسطينية الرسمية والشعبية والأكاديمية والشبابية ومواقع التواصل الاجتماعي، كلها مطالبة بالعمل المشترك والجهد الجماعي للوصول إلى العالم وحماية السردية الفلسطينية، وتفعيل أدوات المقاومة الشعبية ضد الظلم والحصار والاحتلال.

الاستراتيجية الوطنية الموحده والخطاب السياسي الموحد وخطة إعلامية موحدة، تعطي قدرة أفضل على العمل موحدين ليكون يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني يومًا لبدء مسار جديد يُقصر من عمر الاحتلال ويمهد الطريق نحو الحرية والاستقلال والعودة.