من أكثر الأسئلة التي يطرحها الجمهور علينا: من سيفوز في الانتخابات المقبلة؟ وما شكل التغيير على الأرض؟ نذهب للإجابة عن السؤال الأول، في تقديري أن الرؤية الاستشرافية لنتائج الانتخابات تختلف حسب القانون الذي يحكم هذه الانتخابات.

أولًا: نتائج الانتخابات التشريعية.

الانتخابات التشريعية يحكمها قانون التمثيل النسبي الكامل بنسبة حسم 1.5%، بمعنى أن أي قائمة حتى تُمثّل بالبرلمان القادم يجب أن تتجاوز نسبة الحسم وتحصل على ما يقارب 35 ألف صوت صحيح، وحسب القانون فإن الكتلة الأكبر هي التي ستنال شرف تشكيل الحكومة، ولكن القانون نفسه اشترط بضرورة حصول الحكومة على ثقة المجلس التشريعي بأغلبية مطلقة 50+1، وهو ما يعني أن فرص تشكيل قائمة وحدها يكاد يكون مستحيلًا، وعليه فإن نتائج الانتخابات التشريعية المقبلة لن تتحدد بعد إغلاق الصناديق وبدء عملية الفرز رغم أهمية تلك النتائج في معرفة الأوزان الحقيقية للقوى الوطنية والإسلامية والمستقلين، ولكن النتيجة الحقيقية ستعكسها خارطة التحالفات السياسية تحت قبة البرلمان، ونعود للسؤال المباشر، وهو نتيجة الانتخابات التشريعية 2021م، وحسب معرفتي التقريبية بحجم الأوزان السياسية للفصاااائل الفلسطينية وتحديدًا الكتل الصلبة لتلك الأحزاب، فإن النتائج تختلف حسب شكل القوائم وتحاكي السيناريوهات التالية:

نتائج الانتخابات التشريعية في حالة التوافق على القائمة المشتركة تختلف عن النتائج في حالة القوائم المنفردة، وسيناريوهات القوائم المشتركة هي:

1. قائمة مشتركة تضم القوى الوطنية والإسلامية: هذه القائمة سيكون في منافستها قائمة التيار الإصلاحي الديمقراطي والمستقلين، وفي مثل هذه الحالة ستحسم القائمة المشتركة نتائج الانتخابات بنسب تتراوح بين 70-80% وسينافس التيار الإصلاحي والمستقلين وأي قوائم تخرج من رحم حركة فتح على 20-30% من المقاعد.

2. قائمة مشتركة تضم حمااااس وفتح فقط، وهذا سيناريو محتمل وسيكون في منافسة هذا السيناريو قائمة التيار الإصلاحي واليسار والمستقلين، وحسب قراءتي لهذا السيناريو فإنه يصب في صالح القوى غير المنضوية في هذا التحالف الفتحاوي الحمساااوي، وعليه سيحصل التحالف على 50-60% وستكون نسبة القوائم الأخرى على 40-50%.

3. قائمة مشتركة تضم فصائل منظمة التحرير مقابل حركة حمااااس وبعض قوى المقاااومة الأخرى، والمستقلين والتيار الإصلاحي فإن تقديري للنتائج ستكون: القائمة المشتركة ستحصل على 30-40%، في حين ستحصل حركة حمااااس على 25-35%، وسيوزع الباقي على القوائم الأخرى.

4. قائمة مشتركة تضم فصائل المقااااومة (حمااااس– الجبهة الشعبية والديمقراطية- وقوى المقاااومة الأخرى) وتدعمها حركة الجهااااد الإسلامي تصويتًا مقابل فتح وبعض قوى اليسار الصغيرة، والتيار الإصلاحي والمستقلين، فإن النتائج للقائمة المشتركة ستكون من 35-45% مقابل 30-35% لفتح والباقي يوزع للقوائم الأخرى.

الثابت فيما سبق هو عدم اشتراك التيار الإصلاحي التابع للنائب محمد دحلان في أي تحالفات، الذي أقدر حصوله على 15 – 20 مقعدًا، في حال نجح في بناء قائمة تضم تيارًا وطنيًا عريضًا، واستطاع تجاوز بعض المعضلات القانونية التي تنتظر قائمته في ظل حالة الخصومة بين هذه القائمة والرئيس محمود عباس.

لكن النتيجة في حالة نزول حركتي فتح وحمااااس في قوائم منفردة، فإن سيناريوهات النتيجة ستكون مختلفة عما سبق، وسيحكمها أيضًا حالة حركة فتح وعدد القوائم التي ستخرج من رحمها، وهنا التقدير مرتبط بوحدة حركة فتح باستثناء التيار الإصلاحي، وعليه فإننا سنكون أمام حالة استقطاب حاد، ستؤثر في نسب الكتل المنافسة الأخرى، وفي هذه الحالة فإن تقديري للنتائج سيكون على النحو التالي: ستحصل حركة حمااااس على 25-35% وحركة فتح 30-40%، وهذا يعني تقاربًا كبيرًا وتقاطعًا واضحًا، وتتوقف هذه النتيجة عند قدرة كلتا الحركتين في استمالة الكتلة المرجحة (حزب الكنبة)، وعليه فإن متوسط حصول الكتلتين على 65%، ويوجد 35% ستتوزع بين الكتل الأخرى. ويبقى قرار حركة الجهااااد الإسلامي وسلوكه التصويتي عاملًا حاسمًا في ترجيح كفة هذه الحركة أو تلك.

ثانيًا: نتائج الانتخابات الرئاسية.

قراءة المشهد الانتخابي للانتخابات الرئاسية أسهل بكثير من التشريعي، لأن المطلوب رئيس واحد فقط، وعليه أن يحصل على الأغلبية المطلقة 50+1، أي بمعنى أنه قد نحتاج إلى يوم تصويتي آخر لحسم هوية الرئيس القادم، والحركة المدللة في هذا المعترك هي حركة حمااااس التي حسمت قرارها بعدم خوض هذا المعترك بعد موافقتها على تعديلات قانون الانتخابات 2021م، التي يشترط للترشح للرئاسة القبول بمنظمة التحرير ممثلًا شرعيًا ووحيدًا وبوثيقة الاستقلال، وهو ما تتحفظ عليه حركة حمااااس، لكونها خارج إطار المنظمة، وعليه فإن هوية الرئيس القادم تتوقف على السلوك التصويتي لحركتي حمااااس والجهاااد الإسلامي، وهنا يوجد ثلاثة سيناريوهات:

الأول: الرئيس التوافقي، ويتمثل بتوافق فتحاوي حمسااااوي على محمود عباس رئيسًا توافقيًّا، حيث ترى أوساط في حركة حمااااس أن في ذلك ممرًا إجباريًّا لإنجاح الانتخابات والوصول إلى محطة منظمة التحرير الفلسطينية، في حين يرى آخرون أنه عبث، ولا يمكن تمريره.

الثاني: منافسة بين محمود عباس من جهة ومروان البرغوثي وآخرين من جهة أخرى، وتتوقف النتيجة عند قرار حمااااس وهوية الرئيس الذي تدعمه.

الثالث: عدم الوصول إلى محطة الانتخابات الرئاسية، وهو أمر محتمل وبقوة لا سيما في حال فشل سيناريو الرئيس التوافقي، وكانت نتيجة التشريعي غير مبشرة للرئيس عباس وللمجتمع الدولي، فإن فرص إلغاء الانتخابات الرئاسية كبيرة، لأن توجه حمااااس لرئيس آخر تتوافق عليه مع القوى الوطنية فرص فوزه كبيرة جدًّا.

الخلاصة: الأرقام السابقة تقديرية وهي اجتهاد شخصي يحتمل الصواب والخطأ، وتأتي ضمن قراءة بعض الاستطلاعات ومعرفة بعض المعلومات عن الكتل الصلبة لبعض الفصائل، وعليه لا يوجد فائز في الانتخابات التشريعية، والكل سيكون بحاجة إلى الكل وهو ما يصنع تعددية سياسية تساهم في استقرار النظام السياسي، وتلغي سياسة التفرد والهيمنة، وفي تقديري أننا نعيش مرحلة انتقالية لا أرى فيها أي إشكال في الدفع بالرئيس التوافقي كممر إجباري لاستكمال عملية التحول الديمقراطي، وسيكون بمقدور الكل الوطني وقف حالة التفرد والهيمنة، ومن الممكن صناعة تحالف يقضي بتغيير القانون الأساسي وتبني النظام البرلماني لو توافق أغلبية الثلثين بالمجلس التشريعي المنتخب، وهنا ألخص إجابتي عن سؤال المقال الثاني بشأن طبيعة التغيير على الأرض، فإن هذا التغيير سيكون بطيئًا ولكنه ممكن لو غابت لغة التشكيك والتكفير والتخوين، ولُجِمت كل الأصوات التوتيرية، فإن بناء نظام وحدوي حداثي ممكن وبقوة يؤسس لدولة القانون، ويبني مؤسسات قادرة على مواجهة التحديات التي تعصف بمشروعنا الوطني التحرري.