تصريحات أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح " جبريل الرجوب مع تلفزيون فلسطين حول حوارات المصالحة وآخر  مستجدات لقاءات القاهرة ، التي لخصها أنها "لم تنجح" بسبب خلافات مع حركة "حماس" حول مواعيد إجراء الانتخابات، وارتطامها بإشكالية أثارتها حركة حماس، حول شرطها أن تكون كافة الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني ضمن توقيت تزامني موحد ورزمة واحدة هذا من جهة ، وحديثه حول عودة العلاقة مع دولة الاحتلال ،التي وصف عودتها بالخطوة الاضطرارية، التي  لن يكون لها أي تبعات أو بعد سياسي، ولن يكون لها تأثير سلبي على المصالحة ، وفق ما جاء على لسانه من تصريحات.

التصريحات السياسية التي سبقت لقاء القاهرة ، والتي تضمنت موافقة وقبول كلا الفريقين من حركة فتح وحماس على خوضهم سباق الانتخابات ضمن قائمة انتخابية مشتركة من جهة ، وتهيئة الرأي العام الفلسطيني عبر التصريحات الصحفية أن الانتخابات وتجديد الشرعيات على طريق تفعيل الحياة السياسية المتوقفة عن العمل الوطني منذ سنوات طوال ، وعودة الحديث مرة أخرى من قبل "الرجوب" عن تعثر لقاءات القاهرة الأخيرة بسبب اشتراط حركة حماس أن تكون كافة الانتخابات في توقيت زمني محدد  تعتبر العودة للمربع الأول والنقطة صفر في الحوارات واللقاءات ، نظراً لعدة عوامل خارجية لا أعتقد أنها مرتبطة ارتباط وثيق في اطار المحتوى والمضمون الذي طرحه "الرجوب" لأن الأمر الذي طرحته حركة حماس لا يستدعي القول بفشل المصالحة وعدم نجاحها ، لأنها تعتبر أمور فنية قابلة للحوار والنقاش دون اغلاق باب المصالحة بالشمع الأحمر.

كان لابد من جعل الباب موارباً في القول والتصريح ، ولكن ما أخذ لقاء القاهرة والمصالحة إلى مهب الريح ، هو خارج نطاق التصريحات التي طرحها " جبريل الرجوب" لأسباب واضحة ومرئية للرأي العام والجميع ، والتي من أهمها التزامن في قبول السلطة الفلسطينية بعودة التنسيق الأمني مع الاحتلال ، وامكانية اختراق المسار على صعيد عودة العلاقات الفلسطينية مع الإدارة الأمريكية الجديدة ، على أمل العودة للمسار التفاوضي مع الاحتلال ، الذي بالتأكيد لن يحظى بفرصة أمل لتحقيقه أو المراهنة عليه في ظل أجواء فلسطينية وحدودية تسعى للتخلص من الانقسام والانهزام على طريق انجاز الانتخابات وتوحيد وتجديد الشرعيات ، بسبب عدم قبول الاحتلال أو حتى الادارة الأمريكية الجديدة ، من منطلق الهدف الاستعماري "فرق تسد".

يجب على كافة الفصائل الفلسطينية أن يدركوا جيداً وللمرة الأخيرة ن الحوارات واللقاءات التي جرت للتمهيد من أجل انجاز المصالحة على طريق الوحدة كانت بمثابة الفرصة الأخيرة للسلطة الفلسطينية البعيدة كل البعد عن الرأي الفتحاوي العام الذي يتطلع إلى انجاز المصالحة وتحقيق الوحدة وانهاء الانقسام الذي أرهق وأوجع الكل الفلسطيني دون استثناء.

المطلوب من الفصائل والأحزاب وحركة حماس الوقوف أمام المسؤوليات الوطنية قبل السياسية في اتخاذ القرار الوطني الأهم  والنظر إلى كافة المسارات والاتجاهات ، والتطلع إلى كافة مناحي الأمور بموضوعية من أجل عدم خوض تجربة جديدة كغمار سابقاتها التأجيل والتعليل والتأويل، ويجب التطلع إلى اختراق الحالة السياسية ضمن الاقتراب من شخصيات وطنية وازنة ومؤثرة  قادرة على  النهوض والبناء وفق شراكة فلسطينية حقيقية تستطيع الانجاز وعدم التراجع أو الانحياز.

العقل الوطني زينة ، ضمن  جلب وتوحيد واستنهاض كافة الطاقات والشخصيات الفاعلة التي تتطلع للوطن والمواطن بروح المسؤولية ، التي تبتعد في مواقفها عن المزاجية أو المصالح الفئوية والأجندات الشخصية.