يفتقد المواطنون في قطاع غزة للكثير من الوعي تجاه فيروس كورونا، والأحرى أنهم ليسوا على قدر كافٍ من الانضباط والالتزام بالتعليمات التي تفرض عليهم من الجهات الحكومية والتي تهدف إلى الحفاظ على سلامتهم.

ربما ما شهده القطاع خلال السنوات الماضية من حصار وحروب متتالية شنها الاحتلال الإسرائيلي عليه جعل الناس في حالة غير مبالية لما قد يصيبهم، كما يقول الكثيرون "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا".

وهنا نقدم لكم بعض النصائح والإرشادات نجيب من خلالها على سؤال: كيف يمكن لقطاع غزة أن يتبع تجربة دول العالم في مواجهة فيروس كورونا المستجد؟

وقبل الانغمار في الإجابة، أستعرض تجارب عدة دول حاربت الفيروس بالانضباط والالتزام بالتعليمات:

أولاً: كوريا الجنوبية

انتشر الفيروس في كوريا الجنوبية بشكل كبير لكنها تمكنت من وقف توغله، ففي بداية الأمر كان هناك 10 حالات وفاة، ولم تجهز تلك الدول حجرًا صحيًا كاملاً واكتفت بفرض بعض الإجراءات منها: ارتداء الكمامات واحترام قواعد النظافة الصارمة وبعد المسافة بين الأشخاص حتى لا يتنقل الفيروس.

وبالإشارة إلى أنها أجرت 500 ألف اختبار خلال اليوم الواحد وقاموا بعزل المرضى عن السليمين   وفي النهاية وضعوا المصابين في حجر صحي خاص، ونتيجة ذلك أنه بعد شهر من هذه الإجراءات لم تسجل أي حالة وفاة، وبدء الفيروس بالاختفاء تدريجيًا إلى أن انتهى بالكامل.

كان ذلك على وجه الخصوص نتيجة الانضباط وثقافة إطاعة الأوامر العامة، ولم يفرضوا الحجر الصحي على الجميع بل استبدلوه بسياسة أخرى فعالة.

بالملخص: كوريا الجنوبية لم تفرض حجر صحي على الجميع بل فرضت ارتداء الكمامات بشكل إجباري عند الخروج واتباع تعليمات وإرشادات النظافة وإجراء فحوصات يومية لـ 500 ألف حالة ومن ثم عزل حامل المرض عن غيره في حجرات خاصة.

ثانيًا: الصين

في بادئ الأمر لم تأخذ الصين الموضوع على محمل الجد إلى أن أسفر الفيروس عن 50 حالة وفاة، فلجأت الصين بعد ذلك إلى فرض حجر صحي صارم على الجميع من قبل القوات المسلحة وإجراء فحوصات بشكل كبير جدًا، كما لجأت إلى بناء مستشفيات خاصة لحاملين الفيروس حتى لا يختلطوا بغيرهم من المرضى.

وبعد مرور شهرين ونصف استطاعت الصين من خلال الإجراءات الصارمة التي اتبعتها مع مواطنيها خفض نسبة الإصابات بالفيروس وبدأت تدريجيًا بالسيطرة عليه، إلى أن انتهت بـ 3329 حالة وفاة.

ثالثًا: ألمانيا

اتبعت ألمانيا نفس سياسة كوريا الجنوبية حيث الصرامة والانضباط الثقافي، فلم تفرض حجر صحي صارم على جميع مواطنيها، لكن على الأقل قامت بفحص ضخم وأجرت ما يقارب 500 ألف إلى 600 ألف اختبار فحص بشكل يومي في جميع أنحاء البلاد ومن ثم عملت على عزل المريض عن السليم.

 

لكن بالنسبة لكل من إيطاليا وفرنسا:

إيطاليا

بدأت إيطاليا مرحلة الحجر الصحي بعدما وصلت حالات الوفاة إلى ألف حالة، ثم بعد هذا العدد الكبير من الوفيات والذي يعتبر كارثة بدأت بالحديث عن اتباع سبل الوقاية واستخدام الكمامات.

في نهاية الأمر كانت إيطاليا مغيبة تمامًا عن ممارسة الفحوصات الشاملة والدقيقة في جميع أنحاء البلاد، فقد خرج الأمر عن السيطرة ولم يعد أحد يعلم كم شخص مريض وكم شخص سليم وبذلك أصبح من الصعب عزل المرضى في الحجر الصحي.

وسجلت إيطاليا ألف حالة وفاة في البداية والآن تسجل 15887 حالة والحديث عن تزايد بالأعداد.

فرنسا

بدأت فرنسا بإجراءات الحجر الصحي بعدما وصلت حالات الوفاة لديها إلى 200 حالة، ولم تقم بتطبيق إجراءات صارمة في البلاد على المواطنين، حتى أنها لم تقم بفحوصات تشمل جميع سكانها ومنعت لبس الكمامات والنتيجة كانت محزنة كما حدث في إيطاليا والآن تسجل 8078 حالة وفاة والأعداد في تزايد.

عندما تزداد الإصابات تكون هنالك حمولة زائدة على المستشفيات وضغط على خدمات الإنعاش وأجهزة التنفس؛ وهذا يسبب حالات وفاة أكثر وأكثر لأن المستشفيات لم تكن على استعداد تام لعدد هائل من الإصابات من حيث عدد الأسرّة وأجهزة الفحص وأجهزة التنفس مما يفاقم خطورة الموقف.

يمكن السيطرة على الوضع في حال كان هناك 50 حالة وفاة، وإذا تجاوزت الحالات هذا العدد فلا يمكن السيطرة على الفيروس في هذه الحالة وسينتشر بين السكان وبعد ذلك لا فاعلية للحجر الصحي.

مناشدة لفلسطين

يجب أن نسير في الطريق الصحيح لأن هذا المرض مثل الماراثون يسير ضد الوقت وبعد 50 حالة وفاة يتسارع المرض ويصبح الوضع مأساوي، لذلك يجب علينا تجنب هذا العدد وإفشال الخطط التي تود قتل بعض دول العالم بما فيها فلسطين وتقليل عدد السكان، كما فعلت تلك الخطط مع إيطاليا؛ تجاوز تأثير الفيروس وانتشر عامل بيولوجي في الهواء وأصبح الوضع خارج عن السيطرة.

 في قطاع غزة الإمكانيات ضعيفة جداً وليس هنالك مساحات كبيرة في المستشفيات والمعدات والأجهزة غير متوفرة بشكل يسمح بالسيطرة على فيروس كورونا، لذلك نحن بحاجة لاتباع إحدى النماذج السابقة كنموذج كوريا الجنوبية مثلا أو الصين أو ألمانيا؛ لأن كل يوم يمر تزداد خطورة المرض فيه بنسبة 35 بالمئة.

تعليمات مقترحة:

•تفريغ المستشفيات ووضعها في حالة استنفار قصوى.

•إيقاف العمليات بشكل كامل أو تؤجل.

•مراعاة الحجر الصحي الإلزامي.

• الانصياع الى الأوامر وارتداء الكمامات، وترك مسافة بين الأشخاص والخروج عند الضرورة لكن بارتداء الكمامات لحماية الجهاز التنفسي، حيث منعتهم إسرائيل إذن هي إشارة لأهميتها.

•إنشاء مختبر خاص   لفحص كورونا.

•الإسراع في ادخال الأجهزة والاحتياجات اللازمة من الخارج لمواجهة جائحة كورونا.

•الفحص السريع العشوائي للسكان لعزل المرضى عن المتعافين في حجرات خاصة ومعرفة من كان على اتصال معهم.

•أما من بعض النصائح:

  • الإكثار من شرب مشروبات فيتامين ج.
  • عدم تناول الايبوبروفين Ibuprophen والأدفيل Advil .

سكان قطاع غزة الأعزاء، المعركة ضد هذا الفيروس تعتمد على انضباطنا وتنظيمنا الإلزامي، هذه الإدارة الشخصية في كل واحد منا تحدد قيمة تضامننا في مواجهة هذه المحنة.

نحن نعتمد على الله ثم على المسؤولين دون استثناء في دحر هذا الفيروس اللعين وحمايتنا من أولئك الذين يستخدمونه بشكل ضار ضدنا.